responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 25
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عَمَّار بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي غَالِبٌ الْقَطَّانُ قَالَ: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ فِي تِجَارَةٍ، فَنَزَلْتُ قَرِيبًا مِنَ الْأَعْمَشِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةٌ أردتُ أَنْ أنْحَدِرَ قَامَ فَتَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، فَمَرَّ بِهَذِهِ الآية: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} ثُمَّ قَالَ الْأَعْمَشُ: وَأَنَا أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ اللَّهُ بِهِ، وَأَسْتَوْدِعُ اللَّهَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَهِيَ لِي عِنْدَ اللَّهِ وَدِيعَةٌ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} قَالَهَا مِرَارًا. قُلْتُ: لَقَدْ سَمِعَ فِيهَا شَيْئًا، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ فَوَدَّعْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي سمعتك تردد هذه الآية. قال: أو ما بَلَغَكَ مَا فِيهَا؟ قُلْتُ: أَنَا عِنْدَكَ مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ تُحَدِّثْنِي. قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُحَدِّثُكَ بِهَا إِلَى سَنَةٍ. فَأَقَمْتُ سَنَةً فَكُنْتُ عَلَى بَابِهِ، فَلَمَّا مَضَتِ السَّنَةُ قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَدْ مَضَتِ السَّنَةُ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُجَاءُ بِصَاحِبِهَا يَوْمَ القِيامَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدِي عَهِدَ إلَيَّ، وأنَا أحَقُّ مَن وَفَّى بالْعَهْدِ، أدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ" [1] .
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا دِينَ عِنْدَهُ يَقْبَلُهُ مِنْ أَحَدٍ سِوَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الرُّسُلِ فِيمَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ، حَتَّى خُتِمُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي سَدَّ جَمِيعَ الطُّرُقِ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بَعْدَ بِعْثَتِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدِين عَلَى غَيْرِ شَرِيعَتِهِ، فَلَيْسَ بِمُتَقَبَّلٍ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ [2] غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ] [3] } [آلِ عِمْرَانَ:85] وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُخْبِرًا بِانْحِصَارِ الدِّينِ الْمُتَقَبَّلِ عِنْدَهُ فِي الْإِسْلَامِ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ}
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} بِكَسْرِ إِنَّهُ وَفَتْحِ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} أَيْ: شَهِدَ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ وَأُولُو الْعِلْمِ مِنَ الْبَشَرِ بِأَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ. وَالْجُمْهُورُ قرأوها بِالْكَسْرِ عَلَى الْخَبَرِ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ صَحِيحٌ. وَلَكِنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ [4] الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ الْأَوَّلَ إِنَّمَا اخْتَلَفُوا بَعْدَ مَا قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ، بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أَيْ: بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَاخْتَلَفُوا فِي الْحَقِّ لِتَحَاسُدِهِمْ وَتَبَاغُضُهِمْ وَتَدَابُرِهِمْ، فَحَمَلَ بَعْضَهُمْ بُغْض البَعْض الْآخَرِ [5] عَلَى مُخَالَفَتِهِ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا، ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أَيْ: مَنْ جَحَدَ بِمَا أَنْزَلَ [6] اللَّهُ فِي كتابه فإن الله

[1] المعجم الكبير (10/245) وقال الهيثمي في المجمع (6/326) : "فيه عمر بن المختار وهو ضعيف". ورواه ابن عدي في الكامل (5/36) من طريق عمار بن عمر المختار به. قال: "لا يحدث به غير عمر المختار، ومقدار ما يرويه فيه نظر".
[2] في أ: "يتبع".
[3] زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
[4] في أ، و: "أن".
[5] في جـ: "فحمل بعضهم على بغض الآخر".
[6] في أ، و: "أنزله".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست