responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 245
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ عَنْ بَصْرَةَ بْنِ أَكْتَمَ [1] أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِكْرًا فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا هِيَ حَامِلٌ [2] مِنَ الزِّنَا، فَأَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذَلِكَ لَهُ. فَقَضَى لَهَا بِالصَّدَاقِ وفرَق بَيْنَهُمَا، وَأَمَرَ بِجَلْدِهَا، وَقَالَ: "الْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ" [3] .
فَالصَّدَاقُ فِي مُقَابَلَةِ البُضْع، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}
وَقَوْلُهُ: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ العَقْد.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَأَخَذْنَ مِنْكُم مِّيثَاقًا [غَلِيظًا] [4] } قَالَ: قَوْلُهُ: إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ-نَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي الْآيَةِ [5] هُوَ قَوْلُهُ: أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ "كَلِمَةَ اللَّهِ" هِيَ التَّشَهُّدُ فِي الْخُطْبَةِ. قَالَ: وَكَانَ فِيمَا أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ لَهُ: جَعَلْتُ أُمَّتَكَ لَا تَجُوزُ لَهُمْ خُطبة حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ فِي خُطبة حِجة الْوَدَاعِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهَا: "وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُروجهن بِكَلِمَة اللَّهِ" [6] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا] [7] } يُحَرم تَعَالَى زَوْجَاتِ الْآبَاءِ تَكْرِمَةً لهم، وإعذظامًا وَاحْتِرَامًا أَنْ تُوطَأَ مِنْ بَعْدِهِ، حَتَّى إِنَّهَا لَتَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّار، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْس -يَعْنِي ابْنَ الْأَسْلَتِ-وَكَانَ مِنْ صَالِحِي الْأَنْصَارِ، فَخَطَبَ ابنَه قَيْسٌ امْرَأَتَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا أعُدُّكَّ وَلَدًا وَأَنْتَ مِنْ صَالِحِي قَوْمِكَ، وَلَكِنْ آتِي [8] رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَأْمِرُهُ. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إِنَّ أَبَا قَيْسٍ تُوفِّي. فَقَالَ: "خَيْرًا". ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ ابْنَهُ قَيْسًا خَطَبَنِي وَهُوَ مِنْ صَالِحِي قَوْمِهِ. وَإِنَّمَا كُنْتُ أَعُدُّهُ وَلَدًا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ [9] لَهَا: "ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ". قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [إِلا مَا قَدْ سَلَفَ] [10] } الآية.

[1] في جـ، ر، أ: "بصرة بن أبي بصرة".
[2] في جـ، أ: "حبلى".
[3] سنن أبي داود برقم (2131) .
[4] زيادة من جـ، ر، أ.
[5] في جـ، ر، أ: "وأخذن منكم ميثاقا غليظا".
[6] صحيح مسلم برقم (1218) .
[7] زيادة من جـ، ر، أ، وفي هـ: "الآية".
[8] في أ: "أتيت".
[9] في جـ، ر، أ، "قال".
[10] زيادة من ج، ر، أ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست