responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 226
وَقَدْ رَأَى امْرَأَةً مِنَ السَّبْي تَدُورُ عَلَى وَلَدِهَا، فَلَمَّا وَجَدَتْهُ أَخَذَتْهُ فألْصَقَتْه بصَدْرها وَأَرْضَعَتْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "أتَروْن هذهِ طارحةَ وَلَدَهَا [1] فِي النَّارِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: قَالَ: "فَوَاللهِ للَّهُ أًرْحَمُ بعبادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا".
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ هَاهُنَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ عَطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فنَسَخ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلزَّوْجَةِ الثَّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ [2] .
وَقَالَ العَوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ} وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتِ الْفَرَائِضُ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ فِيهَا مَا فَرَضَ، لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْأَبَوَيْنِ، كَرِهَهَا النَّاسُ أَوْ بَعْضُهُمْ وَقَالُوا: تُعطَى الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ أَوِ الثُّمُنَ [3] وَتُعْطَى الْبِنْتُ [4] النِّصْفَ. وَيُعْطَى الْغُلَامُ الصَّغِيرُ. وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يُقَاتِلُ الْقَوْمَ، وَلَا يَحُوزُ الْغَنِيمَةَ.. اسْكُتُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسَاهُ، أَوْ نَقُولُ لَهُ فَيُغَيِّرُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُعْطِي الْجَارِيَةَ نِصْفَ مَا تَرَكَ أَبُوهَا، وَلَيْسَتْ تَرْكَبُ الفَرَس، وَلَا تُقَاتِلُ الْقَوْمَ ونُعطِي [5] الصَّبِيَّ الْمِيرَاثَ وَلَيْسَ يُغني [6] شَيْئًا.. وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يُعْطُونَ الْمِيرَاثَ إِلَّا لِمَنْ قَاتَلَ الْقَوْمَ، وَيُعْطُونَهُ الْأَكْبَرَ فَالْأَكْبَرَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: قَوْلُهُ: {فَوْقَ} زَائِدَةٌ وَتَقْدِيرُهُ: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] [7] {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ} [الْأَنْفَالِ:12] وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّم لَا هُنَا وَلَا هُنَاكَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ زَائِدٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ: {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا قَالُوهُ لَقَالَ: فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ. وَإِنَّمَا اسْتُفِيدَ كَوْنُ الثُّلُثَيْنِ لِلْبِنْتَيْنِ [8] مِنْ حُكْمِ الْأُخْتَيْنِ فِي الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ فِيهَا لِلْأُخْتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ. وَإِذَا وَرِثَ الْأُخْتَانِ الثُّلُثَيْنِ فَلَأَنْ يَرِثَ الْبِنْتَانِ الثُّلُثَيْنِ بِطْرِيقِ الْأَولَى [9] وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ لِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالثُّلُثَيْنِ، فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فَلَوْ كَانَ لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ [أَيْضًا] [10] لَنَصَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا حَكَمَ بِهِ لِلْوَاحِدَةِ عَلَى انْفِرَادِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْبِنْتَيْنِ فِي حُكْمِ الثَّلَاثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأمِّهِ السُّدُسُ] [11] }

[1] في جـ: "بولدها".
[2] صحيح البخاري برقم (4578) .
[3] في أ: "والثمن".
[4] في ر: "ويعطى الابنة"، وفي جـ: "وتعطى الابنة".
[5] في ر، أ: "ويعطي".
[6] في ر: "يعني".
[7] زيادة من جـ.
[8] في جـ، ر: "كون للبنتين الثلثان".
[9] في جـ، ر، أ: "الأحرى".
[10] زيادة من جـ، ر، أ.
[11] زيادة من جـ، ر، أ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست