responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 207
بَعْضٍ، وَيُحَنِّنَهُمْ [1] عَلَى ضُعَفَائِهِمْ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ جَرِير بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلي؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ مُضَر -وَهُمْ مُجْتابو النِّمار -أَيْ مِنْ عُريِّهم وفَقْرهم -قَامَ فَخَطَب النَّاسَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ [2] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [وَاتَّقُوا اللَّهَ] [3] } [الْحَشْرِ:18] ثُمَّ حَضَّهم [4] عَلَى الصَّدَقَةِ فَقَالَ: "تَصَدَّقَ رجُلٌ مِنْ دِينَاره، مِنْ دِرْهَمِه، مِنْ صَاعِ بُرِّه، صَاعِ تَمْره ... " وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ [5] .
وَهَكَذَا رَوَاهُ [6] الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَة الْحَاجَةِ [7] وَفِيهَا ثُمَّ يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ هَذِهِ مِنْهَا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ] [8] } الْآيَةَ.
{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [2] وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا [3] وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [4] }
يَأْمُرُ تَعَالَى بِدَفْعِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا الحُلُم كَامِلَةً مُوَفَّرَةً، وَيَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وضَمِّها إِلَى أَمْوَالِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: لَا تعْجل بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ الَّذِي قُدِّرَ لَكَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا تبَدَّلوا الْحَرَامَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْحَلَالِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، يَقُولُ: لَا تُبَذِّرُوا أَمْوَالَكُمُ الْحَلَالَ وَتَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمُ الْحَرَامَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ: لَا تُعْط مَهْزُولًا وَتَأْخُذْ سَمِينًا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِي وَالضَّحَّاكُ: لَا تُعْطِ زَائِفًا وَتَأْخُذْ جَيِّدًا.
وَقَالَ السُّدِّي: كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْخُذُ الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ غَنم الْيَتِيمِ، وَيَجْعَلُ فِيهَا مَكَانَهَا الشَّاةَ الْمَهْزُولَةَ، وَيَقُولُ [9] شَاةٌ بِشَاةٍ، وَيَأْخُذُ الدِّرْهَمَ الجَيِّد وَيَطْرَحُ مَكَانَهُ الزّيْف، وَيَقُولُ: دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جبَيْر، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان، وَالسُّدِّيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَين: أَيْ لا تخلطوها فتأكلوها جميعا.

[1] في ر: "وتحننهم".
[2] في جـ، ر، أ: جاءت الآية كاملة.
[3] زيادة من جـ، أ.
[4] في جـ، أ: "حثهم".
[5] صحيح مسلم برقم (1017) .
[6] في جـ، ر، أ: "روى".
[7] المسند (4/358) .
[8] زيادة من جـ، ر، أ.
[9] في أ: "فيقول".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست