responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 177
وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} يَقُولُ تَعَالَى تَكْذِيبًا أَيْضًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوا [1] أَنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي كُتُبِهِمْ أَلَّا يُؤْمِنُوا بِرَسُولٍ حَتَّى يَكُونَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ فقبلَتْ مِنْهُ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ} أَيْ: بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ {وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} أَيْ: وَبِنَارٍ تَأْكُلُ الْقَرَابِينَ الْمُتَقَبَّلَةَ {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} أَيْ: فَلِمَ قَابَلْتُمُوهُمْ بِالتَّكْذِيبِ وَالْمُخَالَفَةِ وَالْمُعَانَدَةِ وَقَتَلْتُمُوهُمْ {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أَنَّكُمْ تَتّبعُونَ الْحَقَّ وَتَنْقَادُونَ لِلرُّسُلِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ [2] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} [3] أَيْ: لَا يُوهِنُكَ تَكْذِيبُ [4] هَؤُلَاءِ لَكَ، فَلَكَ أُسْوَةُ مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ كُذبوا مع ما جاؤوا بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَهِيَ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ الْقَاطِعَةُ {وَالزُّبُرِ} وَهِيَ الْكُتُبُ الْمُتَلَقَّاةُ مِنَ السَّمَاءِ، كَالصُّحُفِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ {وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} أَيِ: البَين الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ (186) }
يُخْبِرُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمُّ جَمِيعَ الْخَلِيقَةِ بِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، كَقَوْلِهِ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} فَهُوَ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ يَمُوتُونَ، وَكَذَلِكَ [5] الْمَلَائِكَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَيَنْفَرِدُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْقَهَّارُ بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاءِ، فَيَكُونُ آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا.
وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَعْزِيَةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وفَرَغَت النُّطْفَةُ الَّتِي قَدَّرَ اللَّهُ وُجُودَهَا مِنْ صُلْبِ آدَمَ وَانْتَهَتِ الْبَرِيَّةُ -أَقَامَ اللَّهُ الْقِيَامَةَ وَجَازَى الْخَلَائِقَ بِأَعْمَالِهَا جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، كَثِيرِهَا وَقَلِيلِهَا، كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا، فَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللِّهْبِيّ [6] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ [7] عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا تُوفي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، جَاءَهُمْ آتٍ يَسْمَعُونَ حِسَّهُ وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إن

[1] في جـ، أ: "يزعمون".
[2] في جـ: "لرسوله".
[3] في ر: "المبين".
[4] في جـ: "بتكذيب".
[5] في أ: "وكذا".
[6] في جـ: "الهاشمي".
[7] في أ، و: "أن".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست