responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 128
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) }
لَمَّا انْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُد، وقُتِل مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، نَادَى الشَّيْطَانُ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتل. وَرَجَعَ ابْنُ قَمِيئَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ: قتلتُ مُحَمَّدًا. وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ ضَرَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَجَّه فِي رَأْسِهِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُتل، وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ قَصَّ اللَّهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَحَصَلَ وهَن وَضَعْفٌ وتَأخر عَنِ الْقِتَالِ فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ] [1] عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أَيْ: لَهُ أسْوة بِهِمْ فِي الرِّسَالَةِ وَفِي جَوَازِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجيح، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَر عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ أشعرتَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِل؟ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [2] قَدْ قُتِل فَقَدْ بَلَّغَ، فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ، فَنَزَلَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} رَوَاهُ [الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ] [3] الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ [4] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} أَيْ: رَجَعْتُمُ القَهْقرى {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} أَيِ: الَّذِينَ قَامُوا بِطَاعَتِهِ وَقَاتَلُوا عَنْ دِينِهِ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا.
وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالسُّنَنِ [5] وَغَيْرِهَا مِنْ كُتْبِ الْإِسْلَامِ مَنْ طُرق مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ القطْع، وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي مُسْندي الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [6] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَير، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقيل عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمة؛ أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَقْبَلُ عَلَى فَرَس مِنْ مَسْكنه بالسَّنْح [7] حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكلم النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فتيمَّم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

[1] زيادة من و.
[2] زيادة من ر.
[3] زيادة من و.
[4] (2/248) من طريق آدم بن أبي إياس عن ورقاء عن ابن أبي نجيح به.
[5] في جـ، ر، أ، و: "السنن والمسانيد".
[6] انظر: البداية والنهاية (5/213) ودلائل النبوة للبيهقي (7/215-217) .
[7] في ر: "بالسيح" وهو خطأ، والمثبت من البخاري (4452، 4453) وهو الصواب.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست