responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 126
وَقَوْلُهُ: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَير: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أَنَّ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التَّوْبَةِ:104] وَكَقَوْلِهِ [1] {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النِّسَاءِ:110] وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ -هُوَ ابْنُ زَيْدٍ الشَّرْعَبيّ-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ-وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ-: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، واغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ، وَيْلٌ لأقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ للْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصرونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ [2] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى -بَعْدَ وَصْفِهِمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ-: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ} أَيْ: جَزَاؤُهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ [3] وَجَنَّاتٌ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أَيْ: مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشْرُوبَاتِ {خَالِدِينَ فِيهَا} أَيْ: مَاكِثِينَ فِيهَا {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} يَمْدَحُ تَعَالَى الْجَنَّةَ.
{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) }

[1] في أ: "قوله".
[2] المسند ([2]/165) .
[3] في و: "من ربهم".
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا عِبَادَهُ [1] الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أُصِيبوا يومَ أُحُد، وقُتِل مِنْهُمْ سَبْعُونَ: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} أَيْ: قَدْ جَرَى نَحْوَ هَذَا عَلَى الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا مَنْ قَبْلِكُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَهُمْ وَالدَّائِرَةُ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} .
ثُمَّ قَالَ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ فِيهِ بَيَانٌ لِلْأُمُورِ عَلَى جَلِيَّتِهَا، وَكَيْفَ كَانَ الأممُ الْأَقْدَمُونَ مَعَ أَعْدَائِهِمْ {وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ فِيهِ خَبَرُ مَا قَبْلَكُمْ وَ {هُدًى} لِقُلُوبِكُمْ وَ {مَوْعِظَةٌ} أَيْ: زَاجِرٌ [عَنِ الْمَحَارِمِ وَالْمَآثِمِ] [2] .
ثُمَّ قَالَ مُسَلِّيًا لِلْمُؤْمِنِينَ: {وَلا تَهِنُوا} أَيْ: لَا تَضعفوا بِسَبَبِ مَا جَرَى {وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

[1] في أ: "لعباده".
[2] زيادة من جـ، ر.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 2  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست