responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 556
مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [1] .
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سُفْيان، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أضللتُ بَعِيرًا لِي بِعَرَفَةَ، فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا مِنَ الحَمْس [2] مَا شَأْنُهُ هَاهُنَا؟
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [3] . ثُمَّ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بن عقبة، عن كُرَيب، عن ابن عباس مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِفَاضَةِ هَاهُنَا هِيَ الْإِفَاضَةُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ [4] . فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَكَاهُ ابنُ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فَقَطْ. قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ: إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: الْإِمَامُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [5] وَلَوْلَا إِجْمَاعُ الْحُجَّةِ عَلَى خِلَافِهِ لَكَانَ هُوَ الْأَرْجَحُ.
وَقَوْلُهُ: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كَثِيرًا مَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِذِكْرِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْعِبَادَاتِ؛ وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ يَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أنَّه نَدَبَ إِلَى التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ [6] .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا حَدِيثَ [7] ابْنِ عَبَّاسِ [8] بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ فِي اسْتِغْفَارِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ [9] فِي جُزْء جَمَعْنَاهُ فِي فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَةَ [10] .
وَأَوْرَدَ ابْنُ مَرْدويه هَاهُنَا الْحَدِيثَ الذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتِنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أبوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. مَنْ قَالَهَا فِي لَيْلَةٍ فَمَاتَ فِي لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قالها في

[1] صحيح البخاري برقم (4520) .
[2] في أ: "الحميس".
[3] المسند (4/80) وصحيح البخاري برقم (1664) وصحيح مسلم برقم (1220) .
[4] صحيح البخاري برقم (4521) .
[5] في جـ: "ابن جريج".
[6] في جـ: "ثلاث وثلاثين وثلاث وثلاثين".
[7] في ط: "هاهنا حديثا حديث".
[8] في ط: "حديث العباس".
[9] في جـ: "أفردناه".
[10] قال الطبري في تفسيره (4/192) : "حدثني إسماعيل بن سيف العجلي قال: حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي قال: حدثنا ابن كنانة - ويكنى أبا كنانة - عن أبيه، عن العباس بن مرداس السلمي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "دعوت الله يوم عرفة أن يغفر لأمتي ذنوبها، فأجابني: أن قد غفرت، إلا ذنوبها بينها وبين خلقي، فأعدت الدعاء يومئذ، فلم أجب بشيء، فلما كان غداة المزدلفة قلت: يا رب، إنك قادر أن تعوض هذا المظلوم من ظلامته وتغفر لهذا الظالم، فأجابني: أن قد غفرت" قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقلنا: يا رسول الله، رأيناك تضحك في يوم لم تكن تضحك فيه!! قال: "ضحكت من عدو الله إبليس لما سمع بما سمع، إذ هو يدعو بالويل والثبور، ويضع التراب على رأسه".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 556
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست