responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 543
ذِي الْحِجَّةِ، لَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْحَجُّ بَعْدَ لَيْلَةِ النَّحْرِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسلم، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْحَجُّ أَشْهَرٌ مَعْلُومَاتٌ، لَيْسَ فِيهَا عُمْرَةٌ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّمَا أَرَادَ مَنْ ذَهَب إِلَى أَنَّ أَشْهُرَ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ أَشْهُرَ الْعُمْرَةِ، إِنَّمَا هِيَ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُ الْحَجِّ قَدِ انْقَضَى بِانْقِضَاءِ أَيَّامِ مِنًى، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ يَشُكّ فِي أَنَّ عُمْرَةً فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ عُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَقَالَ: كَانُوا لَا يَرَوْنَهَا تَامَّةً.
قُلْتُ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا كَانَا يُحِبَّانِ [1] الِاعْتِمَارَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيَنْهَيَانِ عَنْ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} أَيْ: أَوْجَبَ بِإِحْرَامِهِ حَجًّا. فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى لُزُومِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالْمُضِيِّ فِيهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الفَرْض هَاهُنَا الْإِيجَابُ وَالْإِلْزَامُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} يَقُولُ: مَنْ أَحْرَمَ بحَجّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الفرضُ الإحرامُ. وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيج: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلَبِّيَ بِالْحَجِّ ثُمَّ يُقِيمَ بِأَرْضٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ورَوُي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النخَعي، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيّان -نَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ طَاوُسٌ، والقاسمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: هُوَ التَّلْبِيَةُ.
وَقَوْلُهُ: {فَلا رَفَثَ} أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، فَلْيَجْتَنِبِ الرَّفَثَ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 187] ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ تَعَاطِي دَوَاعِيهِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَا التَّكَلُّمُ بِهِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ: أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: الرفثُ إتيانُ النِّسَاءِ، وَالتَّكَلُّمُ بِذَلِكَ: الرجالُ وَالنِّسَاءُ إِذَا ذَكَرُوا ذَلِكَ بِأَفْوَاهِهِمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْب، مِثْلَهُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرَّياحي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَحْدُو -وَهُوَ مُحْرِمٌ -وَهُوَ يَقُولُ:
وَهُنَّ يَمْشينَ بنَا هَمِيسَا ... إنْ يَصْدُق الطَّيْرُ نَنَلْ لَميسَا ...
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فَقُلْتُ: تَكَلّمُ بِالرَّفَثِ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟! قَالَ: إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا قِيلَ عند النساء [2] .

[1] في أ: "يحثان".
[2] تفسير الطبري (4/126) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست