responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 482
مِمَّا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ يَنْحَرُونَ لَهُ. [وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ عَمِلَتْ عُرْسًا لِلَعِبِهَا فَنَحَرَتْ فِيهِ جَزُورًا فَقَالَ: لَا تُؤَكَّلُ لِأَنَّهَا ذُبِحَتْ لِصَنَمٍ؛ وَأَوْرَدَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَمَّا يَذْبَحُهُ الْعَجَمُ فِي أَعْيَادِهِمْ فَيُهْدُونَ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَالَتْ: مَا ذُبِحَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَكُلُوا مِنْ أَشْجَارِهِمْ] [1] . ثُمَّ أَبَاحَ تَعَالَى تَنَاوُلَ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا، عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهَا مِنَ الْأَطْعِمَةِ، فَقَالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} أَيْ: فِي غَيْرِ بَغْيٍ وَلَا عُدْوَانٍ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أَيْ: فِي أَكْلِ ذَلِكَ {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ، قَاطِعًا لِلسَّبِيلِ، أَوْ مُفَارِقًا لِلْأَئِمَّةِ، أَوْ خَارِجًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلَهُ الرُّخْصَةُ، وَمَنْ خَرَجَ بَاغِيًا أَوْ عَادِيًا أَوْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا رُخْصَةَ لَهُ، وَإِنِ اضْطُرَّ إِلَيْهِ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
وَقَالَ سَعِيدٌ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ -وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: غَيْرَ بَاغٍ: يَعْنِي غَيْرَ مُسْتَحِلِّهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: غَيْرَ بَاغٍ يَبْتَغِي فِيهِ شَهْوَتَهُ، وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ فِي قَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ} [قَالَ] [2] لَا يَشْوِي مِنَ الْمِيتَةِ لِيَشْتَهِيَهُ وَلَا يَطْبُخُهُ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا العُلْقَة، وَيَحْمِلُ مَعَهُ مَا يُبَلِّغُهُ الْحَلَالَ، فَإِذَا بَلَغَهُ أَلْقَاهُ [وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَلا عَادٍ} يَقُولُ: لَا يَعْدُو بِهِ الْحَلَالَ] [3] .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَشْبَعُ مِنْهَا. وَفَسَّرَهُ السُّدِّيُّ بِالْعُدْوَانِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} قَالَ: {غَيْرَ بَاغٍ} فِي الْمَيْتَةِ {وَلا عَادٍ} فِي أَكْلِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فِي [4] أَكْلِهِ: أَنْ يَتَعَدَّى حَلَالًا إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ يَجِدُ عَنْهُ مَنْدُوحَةً.
وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ} أَيْ: أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ إِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَطَعَامَ الْغَيْرِ بِحَيْثُ لَا قَطْعَ فِيهِ وَلَا أَذًى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ بَلْ يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ بِلَا خِلَافٍ -كَذَا قَالَ -ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا أَكَلَهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، هَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ مِنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِيَاسٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ الْعَنْزِيِّ [5] قَالَ: أَصَابَتْنَا عَامًا مَخْمَصَةٌ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ [6] . فَأَتَيْتُ حَائِطًا، فَأَخَذْتُ سُنْبُلًا فَفَرَكْتُهُ وَأَكَلْتُهُ، وَجَعَلْتُ مِنْهُ فِي كِسَائِي، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: "مَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا أَوْ سَاعِيًا، وَلَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلَا" [7] . فَأَمَرَهُ فَرَدَّ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ، إِسْنَادٌ صَحِيحٌ قَوِيٌّ جَيِّدٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ: مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: "مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ بِفِيهِ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً [8] فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ" [9] الحديث.

[1] زيادة من جـ، أ.
[2] زيادة من جـ.
[3] زيادة من و.
[4] في جـ: "ولا عاد أي".
[5] في أ: "شرحيل الفتوى" وفي ط: "بشر العنزي" والصواب ما أثبتناه.
[6] في أ: "فأتيت الحتفية".
[7] سنن ابن ماجة برقم (2298) .
[8] في أ: "غير منحن جيبه".
[9] رواه الترمذي في السنن برقم (1289) وقال: "هذا حديث حسن".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست