responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 470
أَلَّا يَطَّوَفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلّون لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ، التِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ المُشلَّل. وَكَانَ مَنْ أهلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يطوَّف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدع الطَّوَافَ بِهِمَا. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [1] .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ، مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سمعتُ رِجَالًا [2] مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ [3] إِنَّ النَّاسَ -إِلَّا مَنْ ذكرتْ عَائِشَةُ -كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ [4] بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُليمان قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: كُنَّا نَرَى ذَلِكَ [5] مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [6] .
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ [7] فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا آلِهَةٌ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ إِسَافٌ عَلَى الصَّفَا، وَكَانَتْ نَائِلَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَكَانُوا يَسْتَلِمُونَهُمَا فَتَحَرَّجُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قُلْتُ: وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ [8] أَنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ كَانَا بَشَرَيْنِ، فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ فَنَصَبَتْهُمَا قُريش تُجَاهَ الْكَعْبَةِ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ، فَلَمَّا طَالَ عَهْدُهُمَا عُبِدَا، ثُمَّ حُوِّلَا إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَنُصِبَا هُنَالِكَ، فَكَانَ مَنْ طَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَسْتَلِمُهُمَا، وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ، فِي قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ:
وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ ... بِمَفْضَى السِّيُولُ مِنْ إِسَافِ وَنَائِلِ ...
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ [مِنْ] [9] حديثُ جَابِرٍ الطويلُ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما فرغ من طوافه

[1] المسند (6/144) وصحيح البخاري برقم (1643) .
[2] في جـ: "رجلا".
[3] في جـ: "يقول".
[4] صحيح البخاري برقم (4495) .
[5] في جـ: "أنها".
[6] صحيح البخاري برقم (4496) .
[7] في أ: "وذكر الطبري".
[8] السيرة النبوية لابن إسحاق (رقم النص 4) ط، حميد الله، المغرب.
[9] زيادة من جـ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 470
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست