responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 451
{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) }
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مُرْشِدًا نَبِيَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [1] إِلَى دَرْءِ مُجَادِلَةِ الْمُشْرِكِينَ: {قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ} أَيْ: أَتُنَاظِرُونَنَا فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ وَالِانْقِيَادِ، وَاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ {وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} الْمُتَصَرِّفُ فِينَا وَفِيكُمُ، الْمُسْتَحِقُّ لِإِخْلَاصِ الْإِلَهِيَّةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ! {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} أَيْ: نَحْنُ بُرَآءُ مِنْكُمْ، وَأَنْتُمْ بُرَآء مِنَّا، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} [يُونُسَ: 41] وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آلِ عِمْرَانَ: 20] وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ [2] {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} [الْأَنْعَامِ: 80] وَقَالَ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 258] .
وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: { [وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ] [3] وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} أَيْ: نَحْنُ [4] بُرَآءُ مِنْكُمْ كَمَا أَنْتُمْ بُرَآءُ مِنَّا، وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ، أَيْ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّوَجُّهِ.
ثُمَّ أَنْكَرَ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ ذُكِرَ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَسْبَاطِ كَانُوا عَلَى مِلَّتِهِمْ، إِمَّا الْيَهُودِيَّةُ وَإِمَّا النَّصْرَانِيَّةُ [5] فَقَالَ: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} يَعْنِي: بَلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا هُودًا وَلَا نَصَارَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الْآيَةَ وَالتِي بَعْدَهَا [آلِ عِمْرَانَ: 67،68] .
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانُوا يَقْرَؤُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الذِي أَتَاهُمْ: إِنَّ الدِّينَ [عِنْدَ اللَّهِ] [6] الإسلامُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا بُرَآءَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، فشهِد اللَّهُ بِذَلِكَ، وَأَقَرُّوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِلَّهِ، فَكَتَمُوا شَهَادَةَ الله عندهم من ذلك.

[1] في جـ: "صلى الله عليه وسلم".
[2] في جـ: "عن إبراهيم عليه السلام".
[3] زيادة من و.
[4] في جـ، ط: "أي ونحن".
[5] في جـ، ط، أ، و: "أو النصرانية".
[6] زيادة من جـ، ط.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 451
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست