responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 441
فَهَذَا الْحَدِيثُ كَالْمَقْطُوعِ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوي عَنْهَا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى صَوَابِ مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. فَلَوْ تُرِكَ لَكَانَ جَيِّدًا.
وَلَكِنْ بَعْدَ مَا رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى هَذَا الْحَالِ، فَقَدْ كَرِه بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ، كَمَا ذُكِرَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ -أَوْ أَبِيهِ الْمَهْدِيِّ -أَنَّهُ سَأَلَ الْإِمَامَ مَالِكًا عَنْ هَدْمِ الْكَعْبَةِ وردِّها إِلَى مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَجْعَلْ كَعْبَةَ اللَّهِ مَلْعَبَة لِلْمُلُوكِ، لَا يَشَاءُ أَحَدٌ [1] أَنْ يَهْدِمَهَا إِلَّا هَدَمَهَا. فَتَرَكَ ذَلِكَ الرَّشِيدُ.
نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَالنَّوَاوِيُّ، وَلَا تَزَالُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -هَكَذَا إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، إِلَى أَنْ يخرِّبَها ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيقتين مِنَ الْحَبَشَةِ". أَخْرَجَاهُ [2] .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"كَأَنِّي بِهِ أسودَ أفحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [3] .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الحَرَّاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عن بن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [4] قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُخَرِّب الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَيَسْلُبُهَا حلْيتها [5] وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كُسْوَتِهَا. وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أفَيْدعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاته ومِعْوله" [6] .
الفَدَع: زَيْغٌ بَيْنَ الْقَدَمِ وَعَظْمِ السَّاقِ.
وَهَذَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، لِمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ [7] الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليُحَجَّنَّ البيتُ وليُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ" [8] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً لِدُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}

[1] في أ، و: "لا يشاء الله".
[2] صحيح البخاري برقم (1596) وصحيح مسلم برقم (2909) .
[3] صحيح البخاري برقم (1595) .
[4] في جـ: "عنه".
[5] في جـ: "ويسلبها قال حليتها".
[6] المسند (2/220) .
[7] في جـ: "في حديث".
[8] صحيح البخاري برقم (1593) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 441
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست