responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 403
{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} فِيهِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ شَدِيدٌ لِلْأُمَّةِ عَنِ اتِّبَاعِ طَرَائِقِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَعْدَ مَا عَلِموا مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْخِطَابَ مَعَ الرَّسُولِ، وَالْأَمْرَ لِأُمَّتِهِ.
[وَقَدِ اسْتَدَلَّ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِهِ: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} حَيْثُ أَفْرَدَ الْمِلَّةَ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الْكَافِرُونَ: 6] ، فَعَلَى هَذَا لَا يَتَوَارَثُ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَرِثُ قَرِينَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَقَوْلِ مَالِكٍ: إِنَّهُ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ] [1] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ: سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: هُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} قَالَ: إِذَا مَرَّ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَإِذَا مَرَّ بِذِكْرِ النَّارِ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ [2] .
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أَنْ يُحِلَّ حَلَالَهُ وَيُحَرِّمَ حَرَامَهُ وَيَقْرَأَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَلَا يُحَرِّفَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا يَتَأَوَّلَ مِنْهُ شَيْئًا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ.
وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: يُحِلُّون حَلَالَهُ ويُحَرِّمُون حَرَامَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونه عَنْ مَوَاضِعِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ، يَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} قَالَ: يَتَّبِعُونَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} [الشَّمْسِ: [2]] ، يَقُولُ: اتَّبَعَها. قَالَ: ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي رَزِينٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النخَعي نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا زُبَيد، عَنْ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ}

[1] زيادة من ط، أ.
[2] تفسير ابن أبي حاتم (1/357) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 403
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست