responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 390
وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مُسَارَقَةً.
قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا في معنى عموم الآية فإن النصارى ما ظَلَمُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، بِامْتِهَانِ الصَّخْرَةِ التِي كَانَتْ يُصَلِّي [1] إِلَيْهَا الْيَهُودُ، عُوقِبُوا شَرْعًا وقَدَرا بِالذِّلَّةِ فِيهِ، إِلَّا فِي أَحْيَانٍ مِنَ الدَّهْرِ امْتُحِنَ [2] بِهِمْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَكَذَلِكَ اليهودُ لَمَّا عَصَوا اللَّهَ فِيهِ أَيْضًا أَعْظَمَ مِنْ عِصْيَانِ النَّصَارَى كَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ أَعْظَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفَسَّرَ هَؤُلَاءِ الْخِزْيَ مِنَ الدُّنْيَا، بِخُرُوجِ الْمُهْدِيِّ عِنْدَ السُّدِّيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَوَائِلِ بْنِ دَاوُدَ. وَفَسَّرَهُ قَتَادَةُ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلبس [3] سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ بُسْر [4] بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ" [5] .
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلَيْسَ لِصَحَابِيِّهِ وَهُوَ بُسْرُ [6] بْنُ أَرْطَاةَ -وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي أَرْطَاةَ-حَدِيثٌ سِوَاهُ، وَسِوَى [حَدِيثِ] ([7]) "لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ".
{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) }
وَهَذَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ
الَّذِينَ أُخْرِجُوا [8] مِنْ مَكَّةَ وَفَارَقُوا مَسْجِدَهُمْ ومُصَلاهم، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بمكةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ والكعبةُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وُجه إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ بعدُ، وَلِهَذَا يَقُولُ [9] تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-شأنُ الْقِبْلَةِ: قَالَ [10] تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فاستقبل

[1] في جـ، ب، و: "كانت تصلى"، وفي أ: "كانت تصل".
[2] في أ: "سخر".
[3] في جـ، ط، ب: "بن حابس".
[4] في أ: "عن بشر".
[5] المسند (4/181) .
[6] في أ: "وهو بشر".
[7] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[8] في أ: "الذين خرجوا".
[9] في جـ: "يقول الله".
[10] في جـ، ب، و: "قال الله".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست