responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 374
فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّهْيِ الشَّدِيدِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ، عَلَى التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، وَلِبَاسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ، وَعِبَادَاتِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمُ التِي لم تشرع لنا ولا نُقَرر عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مِسْعَر، عَنْ مَعْن وعَوْن -أَوْ أَحَدِهِمَا-أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلِيَّ. فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَرْعِهَا سَمْعك، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ [1] .
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: مَا تَقْرَؤُونَ فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَإِنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ: "يَا أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ".
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {رَاعِنَا} أَيْ: أَرْعِنَا [2] سَمْعَكَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْعِنَا سَمْعَكَ. وَإِنَّمَا {رَاعِنَا} كَقَوْلِكَ: عَاطِنَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَقَتَادَةَ، نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} لَا تَقُولُوا خِلَافًا. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَقُولُوا: اسْمَعْ مِنَّا وَنَسْمَعُ مِنْكَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} كَانَتْ لُغة تَقُولَهَا الْأَنْصَارُ فَنَهَى اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} قَالَ: الرَّاعِنُ مِنَ الْقَوْلِ السُّخْرِيُّ مِنْهُ. نَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْخَرُوا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيج أَنَّهُ قَالَ مِثْلُهُ.
وَقَالَ أَبُو صَخْرٍ: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَدْبَرَ نَادَاهُ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: أَرْعِنَا [3] سَمْعَكَ. فَأَعْظَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَهُ [4] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، يُدْعَى رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ [5] يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا لَقِيَهُ فَكَلَّمَهُ قَالَ: أَرْعِنِي سَمْعَكَ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمع. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَحْسَبُونَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانَتْ تُفَخم بِهَذَا، فَكَانَ نَاسٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: اسْمَعْ غَيْرَ مَسْمَعٍ: غَيْرَ صَاغِرٍ. وَهِيَ كَالتِي [6] فِي سُورَةِ النِّسَاءِ. فَتَقَدَّمُ اللَّهُ إِلَى المؤمنين أن لا يقولوا: راعنا.

[1] تفسير ابن أبي حاتم (1/317) .
[2] في أ: "أى راعنا".
[3] في أ: "فيقول راعنا".
[4] في جـ: "أن يقال له ذلك".
[5] في جـ: "بن يزيد".
[6] في جـ: "هي التي".
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست