responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 361
أَرَ شَيْئًا. فَقَالَا كَذَبْتِ، لَمْ تَفْعَلِي، ارْجِعِي إِلَى بِلَادِكِ وَلَا تَكْفُرِي [1] ؛ فَإِنَّكِ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكِ. فأرببتُ وأبيتُ. فَقَالَا اذْهَبِي إِلَى ذَلِكَ التَّنُّورِ، فَبُولِي فِيهِ. فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَبُلْتُ فِيهِ، فَرَأَيْتُ فَارِسًا مُقَنَّعًا [2] بِحَدِيدٍ خَرَج مِنِّي، فَذَهَبَ فِي السَّمَاءِ وَغَابَ [عَنِّي] [3] حَتَّى مَا أَرَاهُ، فَجِئْتُهُمَا فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ. فَقَالَا فَمَا رَأَيْتِ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ فَارِسًا مُقَنَّعًا خَرَجَ مِنِّي فَذَهَبَ فِي السَّمَاءِ، حَتَّى مَا أَرَاهُ. فَقَالَا صَدَقْتِ، ذَلِكَ إِيمَانُكِ خَرَجَ مِنْكِ، اذْهَبِي. فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا وَمَا قَالَا لِي شَيْئًا. فَقَالَتْ: بَلَى، لَمْ تُرِيدِي شَيْئًا إِلَّا كَانَ، خُذِي هَذَا الْقَمْحَ فَابْذُرِي، فَبَذَرْتُ، وَقُلْتُ: أَطْلِعِي [4] فَأَطْلَعَتْ [5] وَقُلْتُ: أَحْقِلِي فَأَحْقَلَتْ [6] ثُمَّ قُلْتُ: أفْركي فأفرَكَتْ. ثُمَّ قُلْتُ: أَيْبِسِي فَأَيْبَسَتْ [7] . ثُمَّ قُلْتُ: أَطْحِنِي فَأَطْحَنَتْ [8] . ثُمَّ قُلْتُ: أَخْبِزِي فَأَخْبَزَتْ [9] . فَلَمَّا رأيتُ أَنِّي لَا أُرِيدُ شَيْئًا إِلَّا كَانَ، سَقَطَ فِي يَدِي وَنَدِمْتُ -وَاللَّهِ-يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ شَيْئًا قَطُّ وَلَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا [10] .
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِهِ مُطَوَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ [11] . وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهَا: وَلَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا: فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَاثَةَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ مُتَوَافِرُونَ، فَمَا دَرَوا مَا يَقُولُونَ لَهَا، وَكُلُّهُمْ هَابَ وَخَافَ أَنْ يُفْتِيَهَا بِمَا لَا يَعْلَمُهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ قَالَ لَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ -أَوْ بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ-: لَوْ كَانَ أَبَوَاكِ حَيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا [لَكَانَ يَكْفِيَانِكِ] [12] .
قَالَ هِشَامٌ: فَلَوْ جَاءَتْنَا أَفْتَيْنَاهَا بِالضَّمَانِ [قَالَ] [13] : قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: وَكَانَ هِشَامٌ يَقُولُ: إِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ الْوَرَعِ وَالْخَشْيَةِ [14] مِنَ اللَّهِ. ثُمَّ يَقُولُ هِشَامٌ: لَوْ جَاءَتْنَا مِثْلُهَا الْيَوْمَ لَوَجَدَتْ نَوْكَى أَهْلَ حُمْقٍ وَتَكَلُّفٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
فَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْأَثَرِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ [15] السَّاحِرَ لَهُ تَمَكُّنٌ فِي قَلْبِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بَذَرَتْ وَاسْتَغَلَّتْ فِي الْحَالِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ إِلَّا عَلَى التَّخْيِيلِ، كَمَا قَالَ [اللَّهُ] [16] تَعَالَى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الْأَعْرَافِ: 116] وَقَالَ تَعَالَى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]

[1] في جـ: "ولم تكفري".
[2] في جـ: "معلقا".
[3] زيادة من أ.
[4] في جـ، ط: "اطلع فطلع".
[5] في جـ: "احقل فأحقل"، وفي أ، و: "فطلعت".
[6] في ط: "احقلى فأجعلت".
[7] في جـ: "أيبس فيبس".
[8] في جـ: "اطحن فطحن".
[9] في جـ: "اختبز فاختبز".
[10] تفسير الطبري (2/ 439-441) .
[11] تفسير ابن أبي حاتم (1/ 312) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 137) من طريق الربيع بن سليمان به مطولا، وهذه الزيادة لم ترد في المطبوع من تفسير ابن أبي حاتم، وقد نبه إلى ذلك المحقق الفاضل، جزاه الله خيرًا.
[12] زيادة من أ.
[13] زيادة من أ.
[14] في جـ: "وأهل خشية".
[15] في أ: "من ذهب بأن".
[16] زيادة من أ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست