responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 310
وَقَوْلُهُ: {أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يَعْنِي مَا أَسَرُّوا مِنْ كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْذِيبِهِمْ بِهِ، وَهُوَ [1] يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} قَالَ: كَانَ مَا أَسَرُّوا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَوَلَّوْا عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، تَنَاهَوْا أَنْ يُخْبِرَ أَحَدٌ [2] مِنْهُمْ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا فِي كِتَابِهِمْ، خشيةَ أَنْ يُحَاجَّهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي كِتَابِهِمْ عِنْدَ [3] رَبِّهِمْ. {وَمَا يُعْلِنُونَ} يَعْنِي: حِينَ قَالُوا لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آمَنَّا. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ، وَقَتَادَةُ.
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) }
يَقُولُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} أَيْ: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ: وَالْأُمِّيُّونَ جَمْعُ أُمِّيٍّ، وَهُوَ: الرَّجُلُ الذِي لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ، وَقَتَادَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعي، وَغَيْرُ وَاحِدٍ [4] وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ [إِلا أَمَانِيَّ] } [5] أَيْ: لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ. وَلِهَذَا فِي صِفَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 48] وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا" الْحَدِيثَ. أَيْ: لَا نَفْتَقِرُ فِي عِبَادَاتِنَا وَمَوَاقِيتِهَا إِلَى كِتَابٍ وَلَا حِسَابٍ وَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ} [الْجُمْعَةِ: [2]] .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: نَسَبَتِ الْعَرَبُ مَنْ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَخُط مِنَ الرِّجَالِ إِلَى أمِّه فِي جَهْلِهِ بِالْكِتَابِ دُونَ أَبِيهِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [6] قَوْلٌ خِلَافَ هَذَا، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيب: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} قَالَ: الْأُمِّيُّونَ قَوْمٌ لَمْ يصدِّقوا رَسُولًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ، وَلَا كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، فَكَتَبُوا كِتَابًا بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ قَالُوا لِقَوْمٍ سَفلة جُهَّال: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وَقَالَ: قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ سَمَّاهُمْ أُمِّيِّينَ، لِجُحُودِهِمْ كُتُبَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ [7] عَلَى خِلَافِ مَا يُعْرَفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبَ الْمُسْتَفِيضِ بَيْنَهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمِّيَّ عِنْدَ الْعَرَبِ: الذِي لَا يَكْتُبُ [8] .
قُلْتُ: ثُمَّ فِي صِحَّةِ هَذَا عَنِ ابْنِ عباس، بهذا الإسناد، نظر. والله أعلم.

[1] في جـ، ط، ب، أ، و: "وهم".
[2] في جـ: "يخبروا واحدًا"، وفي أ: "يخبروا أحد".
[3] في جـ: "وعند".
[4] في أ: "وإبراهيم النخغي وغيرهم".
[5] زيادة من جـ، ط، ب.
[6] في ط: "رضي الله عنه".
[7] في جـ، ط، ب، أ، و: "وهذا التأويل تأويل".
[8] تفسير الطبري (2/259) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست