responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 308
عِمْرَانَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [1] ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التَّوْبَةِ: 6] ، أَيْ: مبلَّغًا إِلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَوَعَوْهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الَّذِينَ يُحَرِّفُونَهُ وَالَّذِينَ يَكْتُمُونَهُ هُمُ الْعُلَمَاءُ مِنْهُمْ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَمَدُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِمْ، مِنْ نَعْتِ [2] مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أَيْ أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} قَالَ: التَّوْرَاةُ التِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ يُحَرِّفُونَهَا يَجْعَلُونَ الْحَلَالَ فِيهَا حَرَامًا، وَالْحَرَامَ فِيهَا حَلَالًا وَالْحَقَّ فِيهَا بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ فِيهَا حَقًا؛ إِذَا جَاءَهُمُ الْمُحِقُّ بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ كِتَابَ اللَّهِ، وَإِذَا جَاءَهُمُ الْمُبْطِلُ [3] بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَهُوَ فِيهِ مُحِقٌّ، وَإِنْ جَاءَهُمْ أَحَدٌ يَسْأَلُهُمْ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ، وَلَا رِشْوَةٌ، وَلَا شَيْءَ، أَمَرُوهُ بِالْحَقِّ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الْبَقَرَةِ: 44] .
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} الْآيَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} أَيْ بِصَاحِبِكُمْ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً. {وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا} لَا تُحَدِّثُوا الْعَرَبَ بِهَذَا، فَإِنَّكُمْ قَدْ كُنْتُمْ تَسْتَفْتِحُونَ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} أَيْ: تُقِرُّونَ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ لَهُ الْمِيثَاقَ عَلَيْكُمْ بِاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ النَّبِيُّ الذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ، وَنَجِدُ فِي كِتَابِنَا. اجْحَدُوهُ وَلَا تُقِرُّوا بِهِ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا إِذَا لَقُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: آمَنَّا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: هَؤُلَاءِ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ آمَنُوا ثُمَّ نَافَقُوا. وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، حَتَّى قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: "لَا يَدْخُلَنَّ [4] عَلَيْنَا قَصَبَةَ الْمَدِينَةِ إِلَّا مُؤْمِنٌ". فَقَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ [5] مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ: اذْهَبُوا فَقُولُوا: آمَنَّا، وَاكْفُرُوا إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْنَا، فَكَانُوا يَأْتُونَ الْمَدِينَةَ بالبُكَر، وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران: 72]

[1] في جـ: "كما سمعه الكليم عليه السلام"، وفي ط: "كَمَا سَمِعَهُ الْكَلِيمُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ الصلاة والسلام".
[2] في جـ، ط: "من نص".
[3] في جـ: "الباطل".
[4] في جـ: "لا يدخل".
[5] في جـ: "فقال رؤسائهم" وهو خطأ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست