responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 146
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ لِلْمَأْمُومِ في الجهرية، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِمَامَ إِنْ نَسِيَ التَّأْمِينَ جَهَرَ الْمَأْمُومُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ أمَّن الْإِمَامُ جَهْرًا فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ الْمَأْمُومُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مِنَ الْأَذْكَارِ فَلَا يَجْهَرُ بِهِ كَسَائِرِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ. وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالرِّوَايَةُ الأخرى عن مالك، لما [1] تَقَدَّمَ: "حَتَّى يَرْتَجَّ الْمَسْجِدُ".
وَلَنَا قَوْلٌ آخَرُ ثَالِثٌ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا لَمْ يَجْهَرِ الْمَأْمُومُ [2] ، لِأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا جَهَرَ لِيُبَلِّغَ التَّأْمِينَ مَنْ فِي أَرْجَاءِ الْمَسْجِدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْيَهُودُ، فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَنْ يَحْسُدُونَا [3] عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا [4] عَلَى الْجُمُعَةِ التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإِمَامِ: آمِينَ" [5] ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ: "مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ" [6] ، وَلَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى قَوْلِ: آمِينَ، فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: "آمِينَ" [7] وَفِي إِسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آمِينَ: خَاتَمُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ" [8] . وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ آمِينَ فِي الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الدُّعَاءِ، لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسَى، كَانَ مُوسَى يَدْعُو، وَهَارُونُ يُؤَمِّنُ، فَاخْتِمُوا الدُّعَاءَ بِآمِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَجِيبُهُ لَكُمْ" [9] .
قُلْتُ: وَمِنْ هُنَا نَزَعَ بَعْضُهُمْ فِي الدَّلَالَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [يُونُسَ: 88، 89] ، فَذَكَرَ الدُّعَاءَ عَنْ مُوسَى وَحْدَهُ، وَمِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ

[1] في جـ: "كما".
[2] في جـ: "الإمام".
[3] في جـ: "لم يحسدوننا"، وفي ط، ب، أ، و: "لم يحسدونا".
[4] في أ: "يحسدوننا".
[5] المسند (6/135) .
[6] سنن ابن ماجة برقم (856) من طريق حماد بن سلمة، عن سهيل، عن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا، وقال البوصيري في الزوائد (1/297) : "هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته".
[7] سنن ابن ماجة برقم (857) من طريق يزيد بن صبيح، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا.
[8] ورواه ابن عدي في الكامل (6/440) من طريق مؤمل عن أبي أمية بن يعلى عن المقبري عن أبي هريرة به، وقال ابن عدي: "لا يرويه عن أبي أمية بن يعلى -وإن كان ضعيفا- غير مؤمل هذا".
[9] ورواه الحارث بن أبي أسامة برقم (167) "بغية الباحث" من طريق -مولى خالد- عن أنس بن مالك به، وزربي بن عبد الرحمن ضعيف.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست