responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 137
على المسؤول، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
وَالْهِدَايَةُ هَاهُنَا: الْإِرْشَادُ وَالتَّوْفِيقُ، وَقَدْ تَعَدَّى الْهِدَايَةُ بِنَفْسِهَا كَمَا هُنَا [1] {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فَتَضَمَّنُ مَعْنَى أَلْهِمْنَا، أَوْ وَفِّقْنَا، أَوِ ارْزُقْنَا، أَوِ اعْطِنَا؛ {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [الْبَلَدِ: 10] أَيْ: بَيَّنَّا لَهُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَقَدْ تَعَدَّى بِإِلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النَّحْلِ: 121] {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ: 23] وَذَلِكَ بِمَعْنَى الْإِرْشَادِ وَالدَّلَالَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشُّورَى: 52] وَقَدْ تَعَدَّى بِاللَّامِ، كَقَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الْأَعْرَافِ: 43] أَيْ وَفَّقَنَا لِهَذَا وَجَعَلَنَا لَهُ أَهْلًا [2] . وَأَمَّا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، فَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ "الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ الَّذِي لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ.
وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ جَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ الخَطَفي:
أميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِراطٍ ... إِذَا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقيمِ
قَالَ: وَالشَّوَاهِدُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، قَالَ: ثُمَّ تَسْتَعِيرُ الْعَرَبُ الصِّرَاطَ فَتَسْتَعْمِلُهُ فِي كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وُصِفَ بِاسْتِقَامَةٍ أَوِ اعْوِجَاجٍ، فَتَصِفُ الْمُسْتَقِيمَ بِاسْتِقَامَتِهِ، وَالْمُعْوَجَّ بِاعْوِجَاجِهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي تَفْسِيرِ الصِّرَاطِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ؛ فَرُوِيَ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ سَعْدٍ، وَهُوَ أَبُو [3] الْمُخْتَارِ الطَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ أَخِي الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ اللَّهِ" [4] . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ، وَقَدْ [تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ فِيمَا] [5] رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: "وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ المستقيم" [6] .

[1] في جـ، ط، ب: "كما هاهنا".
[2] في ط: "وجعلنا أهلا له".
[3] في أ، و: "ابن".
[4] تفسير ابن أبي حاتم (1/20) .
[5] زيادة من جـ، ط، أ، و.
[6] سنن الترمذي برقم (2906) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست