اسم الکتاب : تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية المؤلف : عماد بن زهير حافظ الجزء : 1 صفحة : 110
المبحث الثالث
في معرض ذكر نعمه وآياته بسورة يس:
قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} i.
مطلب: في بيان وجه حكمة مجيء التسبيح في موضعه ههنا:
هذه الآية الكريمة التي ابتدأت بالتسبيح جاءت معترضة بين آيات ينكر الله – تعالى - فيها على المشركين إعراضهم عن دعوة الرسل وكفرهم به، ويوجّه فيه أنظارهم إلى عظيم نعمه وآثار قدرته، وتلكم الآيات هي قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ. أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ. وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ. سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} الآياتii.
ووجه مجيء التسبيح في آيته ههنا بين هذه الآيات أنّه سيق لتنزيه الله ذاته العليّة عمّا فعله المشركون من الشرك وترك شكره تعالى وعن كلّ ما لا يليق بإلهيته وعظمته، وذلك مع ما يرونه ممّا ذكر في هاته الآيات من بدائع آثار قدرته وروائع نعمته الموجبة لتوحيده وشكره وإخلاص العبادة لهiii.
i سورة يس الآية (36) .
ii انظر الآيات في سورة يس من الآية رقم (30) إلى الآية رقم (44) .
iii انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج26 ص69؛ تفسير القرطبي ج16 ص27؛ تفسير أبي السعود ج7 ص167؛ تفسير الألوسي ج23 ص9؛ فتح القدير للشوكاني ج4 ص357؛ التحرير والتنوير ج23ص15.
اسم الکتاب : تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية المؤلف : عماد بن زهير حافظ الجزء : 1 صفحة : 110