اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 511
{يَخْشَوْنَ} : يخافون.
{لَوْلا أَخَّرْتَنَا} : هلا أخرتنا[1].
{فَتِيلاً} : الفتيل: خيط يكو في وسط النواة.
{بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} : حصون مشيدة بالشيد، وهو الجص.
{مِنْ حَسَنَةٍ} : الحسنة: ما سر، والسيئة: ما ضر.
معنى الآيات:
روى أن بعضاً من أصحاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طالبوا بالإذن لهم بالقتال ولم يؤذن لهم لعدم توفر أسباب القتال، فكانوا يؤمرون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ريثما بأذن الله تعالى لرسوله بقتال المشركين، ولما شرع القتال جبن فريق منهم عن القتال وقالوا: {لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} متعللين[2] بعلل واهية، فأنزل الله تعالى فيهم هاتين الآيتين (77) و (78) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} أي: عن القتال {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ريثما يأذن الله بالقتال عندما تتوفر إمكانياته، فلما فرض القتال ونزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} جبنوا ولم يخرجوا للقتال، وقالوا: {لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} يريدون أن يدافعوا الأيام حتى يموتوا ولم يلقوا عدواً خوراً، فأمر تعالى الرسول أن يقول لهم: {مَتَاعُ الدُّنْيَا[3] قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} فعيشكم في الدنيا مهما طابت لكم الحياة هو قليل {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} الله بفعل أمره وترك نهيه بعد الإيمان به وبرسوله، وسوف تحاسبون على أعمالكم وتجزون بها {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} لا ينقص حسنة ولا بزيادة سيئة. هذا ما تضمنته الآية الأولى.
أما الآية الثانية فقد قال تعالى لهم ولغيرهم ممن يخشون القتال ويجبنون عن الخروج للجهاد: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} ، إذ الموت طالبكم ولابد أن يدرككم، كما قال تعالى لأمثالهم: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} ، ولو دخلتم حصوناً[4] ما فيها كوة ولا نافذة [1] المراد من التأخير إلى أجل قريب: هو أن يتم استعدادهم للقتال لتوفر المال والرجال والعتاد لا إلى أجل الموت فإنه غير وارد في قولههم: هذا ولا معنى له، وهل قولهم كان في أنفسهم أو صرحوا به؟ كلاهما وارد وجائز الوقوع. [2] اختلف هل هذه الآية نزلت في المؤمنين أو المنافقين؟ والصواب أنها نزلت في بعض المؤمنين ممن ضعف إيمانهم، أما كونها نزلت في اليهود فلا معنى له، وكونها شملت المنافقين فهذا حق بدليل سياق الآيات. [3] يبين قلة متاع الدنيا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مثلي ومثل الدنيا كراكب قال قيلولة تحت شجرة ثم راح وتركها". [4] تفسير لقوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} إذ البرج: البناء المرتفع والقصر العظيم. قال طرفة، يصف ناقة:
كأنها برج رمي يكففها ... بانٍ بشيد وآجرٍ وأحجار
وفي الآية رد على القدرية القائلين: المقتول لو لم يقتله عاش.
اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 511