اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 435
معنى الآيات:
لما أمر تعالى بصلة الأرحام وحرم قطعها في الآية السابقة أمر في هذه الآية أوصياء اليتامى أن يعطوا اليتامى[1] أموالهم إذا هم بلغوا سن الرشد وآنسوا منهم الرشد، فقال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} . ونهاهم محرماً عليهم أن يستبدلوا أموال اليتامى الجيدة بأموالهم الرديئة فقال تعالى: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ} ، أي: الرديء من أموالكم بالطيب من أموالهم، ملا في ذلك من أذية اليتيم في ماله، ونهاهم أيضاً أن يأكلوا أموال يتاماهم مخلوطة مع أموالهم لما في ذلك من أكل مال التيم بغير حق فقال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ[2] إِلَى أَمْوَالِكُمْ} ، وعلل ذلك بأنه إثم عظيم فقال عز وجل: {إنه} أي: الأكل {كَانَ حُوباً كَبِيراً} والحوب الإثم. هذا معنى الآية الأولى [2] {وَآتُوا الْيَتَامَى[3] أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً[4] كَبِيراً} ، وأما الآية الثانية [3] فقد أرشد الله تعالى أولياء اليتيمات أن هم خافوا أن لا يعدلوا معهن إذا تزوج أحدهم وليته أرشدهم أن يتزوجوا ما طاب لهم من النساء غير ولياتهم مثنى، وثلاث ورباع[5]. يريد اثنتين أو ثلاث أو أربع كل بحسب قدرته، فهذا خير من الزواج بالولية فيهضم حقها وحقها آكد لقرابتها. هذا معنى قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} . وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يريد تعالى وإن خاف المؤمن ألا يعدل بين زوجاته لضعفه فليكتف بواحدة ولا يزد عليها غيرها أو يتسرى بمملوكته إن كان له مملوكة فإن هذا أقرب إلى أن لا يجور المؤمن ويظلم نساءه. هذا معنى قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} . وفي الآية الرابعة والأخيرة يأمر تعالى بأن يعطوا النساء مهورهن فريضة منه تعالى فرضها على [1] هذا باعتبار ما كانوا عليه، أما اليوم فليسوا يتامى، إذ لا يتم مع البلوغ. [2] قيل: إلى هنا بمعنى مع، وهو سائغ إلى أنها على بابها أولى والتقدير ولا تأكلوا أمواله مضافة إلى أموالكم. [3] أي: أعطوا، يقال: أتاه كذا، أعطاه إياه والإيتاء مصدر الإعطاء، ويقال لفلان: أتوا، أي: عطاء، ويقال: أتوت الرجل أتوه إيتاوه وهي الرشوة، ولإيتاء اليتامى أموالهم صورتان: الأولى: غذائهم وكساؤهم ما داموا تحت الولاية، والثانية: دفع أموالهم إليهم، وذلك عند البلوغ والرشد. [4] الحوب: الإثم، وفيه لغات: الحوب بضم الحاء، والحوب بفتحها، والحيابة والحاب أيضاً، وهو مصدر كالقال من قال: قولاً وقالاً، ويكون الحوب بالضم بمعنى الوحشة، ومنه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي أيوب: "إن طلاق أم أيوب لحوب"، والحوبة: الإثم ومنه: اللهم اغفر حوبتي، والحوبة: الحاجة، ومنه: إليك أرفع حوبتي، أي: حاجتي. هذا في الدعاء. [5] الإجماع على أن المراد من قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} أن ينكح الرجل اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً على التخيير، وليس معناه الجمع بين تسع نساء، ومن فعل وهو عالم يحد بالرجم، وإن كان جاهلاً يحد بالجلد.
اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 435