اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 143
يوجد ناس يتخذون من دون[1] الله آلهة أصناماً ورؤساء يحبونهم[2] كحبهم[3] لله تعالى، أي يسوون[4] بين حبهم وحب الله تعالى، والمؤمنون أشد منهم حباً لله تعالى، كما أخبر تعالى أنه لو يرى المشركون عند معاينتهم العذاب يوم القيامة لرأوا أمراً فظيعاً يعجز الوصف عنه، ولعلموا أن القوة لله وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ المتبعون وهم الرؤساء الظلمة دعاة الشرك والضلالة من متبوعيهم الجهلة المقلدين وعاينوا[5] العذاب أمامهم وتقطعت لك الروابط التي كانت تربط بينهم، وتمنى التابعون العودة إلى الحياة الدنيا لينتقموا من رؤسائهم في الضلالة فيتبرءوا منهم في الدنيا كما تبرءوا منهم في الآخرة، وكما أراهم الله تعالى العذاب فعاينوه، يريهم أعمالهم القبيحة من الشرك والمعاصي فتعظم حسرتهم ويشتد كربهم ويدخلون بها النار فلا يخرجونهم منها أبداً.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- وجوب حب[6] الله وحب كل ما يُحب الله عز وجل بحبه تعالى.
2- من الشرك الحب[7] مع الله تعالى، ومن التوحيد الحب بحب الله عز وجل.
3- يوم القيامة تنحل جميع الروابط من صداقة ونسب ولم تبق إلا رابطة الإيمان والأخوة فيه.
4- تبرؤ[8] رؤساء الشرك والضلال ودعاة الشر والفساد ممن أطاعوهم في الدنيا واتبعوهم على الظلم والشر والفساد، وليس بنافعهم ذلك شيئاً.
{يَا أَيُّهَا[9] النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا [1] دون: تكون بمعنى غير وسوى، ولا يطرد، إذ أصلها إنها ظرف مكان، نحو: جلست دونك، وتكون بمعنى: الرديء، تقول: هذا التمر: دون. [2] فالآية الكريمة تعني: المشركين عبدة الأوثان ورؤساء أهل الكتاب، لقوله: يحبونهم، وهي عامة في كل من يحب غير الله تعالى من مخلوقاته وحب الله تعالى، إذ الحب إما أن يكون لله وإلا فهو شرك في حب الله تعالى. [3] وذلك لأنهم كانوا يدعون الله في الشدة، ويعظمون حرمات الحرم، والأشهر الحرم، فلذا هم يحبون الله تعالى ولكن يحبون آلهتهم ورؤسائهم أكثر من حب الله تعالى لجهلهم به سبحانه وتعالى. [4] لحديث ابن مسعود في الصحيح: "قلت أي الذنب أعظم يا رسول الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك". [5] معاينة العذاب تكون عند الموت وعند العرض والمسائلة يوم القيامة. [6] الحديث الصحيح: "أحب الله لما يغذوكم من النعم، وأحبوني بحب الله". [7] الحب: حبان: حب عبادة، وهذا لا يكون إلا لله تعالى. وحب غريزة؛ كحب الطعام والشراب، وسائر الملاذ، فهذا يجب القصد فيه وعدم الإفراط فقط، وخير الحب ما كان لأجل الله تعالى. [8] وشواهد هذا في غير آية من القرآن كقوله تعالى: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} . [9] قيل: هذه الآية نزلت في ثقيف، وخزاعة، وبني مدلح، إذ حرموا من الأنعام ماحرموا، وعلى كل فهي عامة في كل من حرم غير ما حرم الله تعالى.
اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 143