responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 134
ما يكون عوناً لهم على الثبات على قبلتهم التي اختارها لهم، وعلى ذكر ربهم وشكره وعدم نسيانه وكفره فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا} أي على ما طلب منكم من الثبات والذكر والشكر، وترك النسيان والكفر بالصبر الذي هو توطين النفس وحملها على أمر الله تعالى به وبإقام الصلاة، وأعلمهم أنه مع الصابرين يمدهم بالعون والقوة، فإذا صبروا نالهم عون الله تعالى وتقويته وهذا ما تضمنته الآية الأولى (153) . أما الآية الثانية (154) فقد تضمنت نهيه تعالى لهم أن يقولوا معتقدين أن من قتل في سبيل الله إذ هو حي في البرزخ وليس بميت، بل هو حي يرزق في الجنة كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش". (رواه مسلم) . فلذا لا يقال لمن قتل في سبيل الله: مات[1] ولكن استشهد وهو شهيد وحي عند ربه حياة لا نحسها ولا نشعر بها بمفارقتها للحياة في هذه الدار. وأما الآية الثالثة (155) فإنه يقسم[2] تعالى لعباده المؤمنين على أنه يبتليهم بشيء من الخوف[3] بواسطة أعداءه وأعدائهم وهم الكفار عندما يشنون الحروب عليهم وبالجوع لحصار العدو ولغيره من الأسباب، وبنقص الأموال الماشية للحرب والقحط، وبالأنفس؛ كموت الرجال، وبفساد الثمار بالجوائح، كل ذلك لإظهار من يصبر على إيمانه وطاعة ربه بامتثال أمره واجتناب نهيه، ومن لا يصبر فيحرم ولاية الله وأجره، ثم أمره رسوله بأن يبشر الصابرين، وبين في الآية الرابعة (156) حال الصابرين وهي أنهم إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله، فله أن يصيبنا بما شاء لأن ملكه وعبيده، وإن إليه راجعون بالموت، فلا جزع إذاً ولكن تسليم لحكمه[4] ورضاً بقضاءه وقدره، وفي الآية الخامسة (157) أخبر تعالى مبشراً أولئك الصابرين بمغفرة ذنوبهم وبرحمة من ربهم، وإنهم المهتدون إلى سعادتهم وكمالهم، فقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .

[1] لا يقال لمن قتل في سبيل الله مات، بمعنى انقطعت عنه الحياة والشهيد لم يمت وإنما انتقل من حياة ناقصة إلى حياة كاملة دائمة، كما أن لفظ الموت مفزع للإنسان فإذا دارت المعركة وسقط الشهداء، وقيل: مات فلان وفلان يؤثر ذلك في نفس من سمع كلمة: الموت، ولذا لا يقال: مات، ولكن: استشهد.
[2] دل على القسم: اللام في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} إذ هي موطئة للقسم كأنما قال: وعزتي وجلالي لنبلونكم.. إلخ.
[3] من فسر الخوف بالخوف من الله، والجوع: بالصيام، ونقص من الأموال: بالزكاة لم يخطأ، ولكن ما فسرت به الآية هو الصواب الحق الذي عليه أئمة التفسير.
[4] روى أحمد والترمذي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث لذلك استرجاعاً إلا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب".
اسم الکتاب : أيسر التفاسير المؤلف : الجزائري، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست