responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أيسر التفاسير لأسعد حومد المؤلف : أسعد حومد    الجزء : 1  صفحة : 447
{طَآئِفَةً} {طَآئِفَةٌ} {الجاهلية} {هَاهُنَا}
(154) - أصْبَحَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ فَرِيقَيْنِ:
1- فَرِيقاً ذَكُرُوا مَا أَصَابَهُمْ فَعَرَفوا أنَّهُ كَانَ بِتَقْصِيرٍ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَذَكَرُوا وَعْدَ اللهِ بِنَصْرِهِمْ، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ، وَوَثِقُوا بِوَعْدِ رَبِّهِمْ، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُمْ إنْ غُلِبُوا فِي هَذِهِ المَرَّةِ، بِسَبَبِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الفَشَلِ وَالتَّنَازُعِ وَعِصْيَانِ الرَّسُولِ فِيمَا أَمَرَ، فِإنَّ اللهَ سَيَنْصُرُهُمْ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً، حَتَّى يَسْتَرِدُّوا مَا فَقَدُوا مِنْ قُوَّةٍ وَأمْنٍ، وَلِيَذْهَبَ عَنْهُمْ مَا لَحِقَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.
2- وَفَرِيقاً أَذْهَلَهُمُ الخُوْفُ حَتَّى صَارُوا مَشْغُولِينَ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُمْ إذِ الوُثُوقُ بِوَعْدِ اللهِ، وَوَعْدِ رَسُولِهِ، لَمْ يَصِلْ إلَى قَرَارَةِ نُفُوسِهِمْ، لأَنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ مُؤْمِنِينَ حَقّاً، فَعَظُمَ الخَوْفُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى ظَنُّوا بِاللهِ غَيْرَ الظَّنِّ الحَقِّ، إذْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيّاً حَقّاً لَمَا نَصَرَ اللهُ الكُفَّارَ عَلَيهِ، وَهَذَا مَقَالٌ لاَ يَقُولُهُ إلاَّ أَهْلُ الشِّرْكِ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ: هَلْ لَنَا مِنَ النَّصْرِ وَالفَتْحِ والظَّفْرِ نَصِيبٌ؟ {هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} ، وَهُمْ يَعْنُونَ أنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيءٌ، وَكَانَ مَا حَدَثَ فِي ذَلِِكَ اليَوْمِ دَلِيلاً، فِي نَظَرِهِمْ، عَلَى أنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ A لَيْسَ بِحَقٍّ. وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِمْ قَائِلاً: إنَّ كُلَّ مَا يَجْرِي هُوَ بِقَدَرِ اللهِ، وَبِحَسَبِ سُنَنِهِ فِي الخَلِيقَةِ وَلِذَلِكَ فَلاَ أَمْرَ لأَحَدٍ غَيْرَ اللهِ.
ثُمَّ يَكْشِفُ تَعَالَى عَنْ خَبِيئَةِ نُفُوسِ هَؤُلاَءِ فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ، فَنُفُوسُهُمْ مَلأى بِالوَسَاوِسِ وَالهَوَاجِسِ، وَالاعْتِرَاضَاتِ، وَيَقُولُونَ لَوْ كَانَ أَمْرُ النَّصْرِ وَالظَّفْرِ بَأَيْدِينَا كَمَا ادَّعَى مُحَمَّدٌ: (وَهُوَ أنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ وَلأَوْلِيائِهِ وَأَنَّهُمْ هُمُ الغَالِبُونَ) لَمَا غُلِبْنَا، وَلَمَا قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ مَنْ قُتِلَ فِي هَذِهِ المَعْرَكَةِ، فَهُمْ يَظُنُّونَ أنَّ خِطَّةَ القِيَادَةِ هِيَ التِي أَوْصَلَتْهُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ.
وَيَقُولُ تَعَالَى مُصَحِحاً قَوْلَ هَؤُلاءِ وَاعْتِقَادَهُمْ، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إنَّ قَدَرَ اللهِ سَيَقَعُ لاَ مَحَالَةَ، وَلَوْ كَانَ الذِينَ كُتِبَ عَلَيهِم القَتْلُ مَوْجُودِينَ فِي بُيُوتِهِمْ لَخَرَجُوا، دُونَ دَعْوَةٍ مِنْ أَحَدٍ إلَى حَيْثُ قُدِّرَ لَهُمْ أنْ يُقَتْلُوا، لِيُقَتْلُوا. فَهُنَاكَ أَجَلٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَسْتَقْدِمُ وَلاَ يَسْتَأْخِرُ، وَجَعَلَ الله الأَمْرَ كُلَّهُ ابْتِلاءً مِنْهُ، واخْتِبَاراً لِمَا فِي صُدُورِ المُؤْمِنِينَ وَقُلُوبِهِمْ، وَتَمْحِيصاً لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ وَتَطْهِيراً. وَلَيْسَ كَالحَقِّ كَاشِفٌ لِلنُّفُوسِ وَالحَقَائِقِ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ،، وَبِالأسْرَارِ الخَفِيَّةِ.
الأَمِنَةُ - الأَمْنُ.
يَغْشَى - يَُغَطِّي وَيَسْتُرُ، أيْ يَسْتَولي عَلَيهِم النُّعَاسُ.
لَبَرَزَ - لَخَرَجَ.
لِيُمَحِّصَ - لِيُنَقِّيَ وَيَكْشِفَ.
ذَاتِ الصُّدُورِ - السَّرَائِرِ.

اسم الکتاب : أيسر التفاسير لأسعد حومد المؤلف : أسعد حومد    الجزء : 1  صفحة : 447
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست