اسم الکتاب : الوجيز المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 289
{ولولا فضلُ الله عليك ورحمته} بالنبوَّة والعصمة {لهمَّت} لقد همَّت {طائفة منهم} من قوم طعمة {أن يضلوك} أَيْ: يُخطِّئوك في الحكم وذلك أنَّهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجادل عنهم ويقطع اليهوديَّ {وما يضلون إلاَّ أنفسهم} بتعاونهم على الإِثم والعدوان وشهادتهم الزُّور والبهتان {وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} لأنَّ الضَّرر على مَنْ شهد بغير حقٍّ ثمَّ منَّ الله عليه فقال: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أَي: القضاء بالوحي وبيَّن لك ما فيه الحكمة فلمَّا بان أنَّ السَّارق طعمة تناجى قومه في شأنه فأنزل الله تعالى:
{لا خير في كثير من نجواهم} أَيْ: مسارَّتهم {إلاَّ مَنْ أمر} أَيْ: إلاَّ في نجوى من أمر {بصدقةٍ} وقال مجاهد: هذه الآية عامَّةٌ للناس يريد أنَّه لا خير فيما يتناجى فيه النَّاس ويخوضون فيه من الحديث إلاَّ ما كان من أعمال البرِّ ثمَّ بيَّن أن ذلك إنما ينفع مَن ابتغى به ما عند الله فقال: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} الآية ثمَّ حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على طعمة بالقطع فخاف على نفسه الفضيحة فهرب إلى مكة ولحق بالمشركين فمزل قوله:
{ومَنْ يشاقق الرسول} أَيْ: يخالفه {من بعد ما تبيَّن له الهدى} الإِيمان بالله ورسوله وذلك أنَّه ظهر له من الآية ما فيه بلاغ بما أطلع الله سبحانه على أمره فعادى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وضوح الحجَّة وقيام الدليل {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} غير دين الموحِّدين {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} ندعه وما اختار لنفسه {ونصله جهنم} ندخله إيَّاها ونلزمه النَّار ثمَّ أشرك بالله طعمة فكان يعبد صنماً إلى أن مات فأنزل الله فيه:
اسم الکتاب : الوجيز المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 289