اسم الکتاب : الوجيز المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 138
{ومن حيث خرجت} الآية وقوله: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لئلا يكون للناس عليكم حجَّةٌ} يعني: اليهود وذلك أنَّ اليهود كانوا يقولون: ما درى محمَّدٌ أين قِبلته حتى هديناه ويقولون: يخالفنا محمَّدٌ فِي ديننا ويتَّبِع قِبلتنا فهذا كان حجِّتهم التي كانوا يحتجُّون بها تمويهاً على الجُهَّال فلمَّا صُرفت القِبلة إلى الكعبة بطلت هذه الحجَّة ثمَّ قال تعالى: {إلاَّ الذين ظلموا منهم} من النَّاس وهم المشركون فإنَّهم قالوا: توجَّه محمدٌ إلى قِبلتنا وعلم أنَّا أهدى سبيلاً منه فهؤلاء يحتجُّون بالباطلِ ثمَّ قال: {فلا تخشوهم} يعني: المشركين في تظاهرهم عليكم فِي المُحاجَّة والمحاربة {واخشوني} فِي ترك القِبلة ومخالفتها {ولأُتمَّ نعمتي عليكم} أَيْ: ولكي أَتمَّ - عطفٌ على {لئلا يكون} - نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ بهدايتي إيّاكم إلى قِبلة إبراهيم فَتَتِمُّ لكم الملَّة الحنيفيَّة {ولعلكم تهتدون} ولكي تهتدوا إلى قِبلة إبراهيم
{الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي: هذا الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} الشَّاكِّين في الجملة التي أخبرتك بها من أمر القِبلة وعناد اليهود وامتناعهم عن الإِيمان بك
{ولكلٍّ} أَيْ: ولكلِّ أهل دينٍ {وجهةٌ} قِبلةٌ ومُتوجَّةٌ إليها في الصَّلاة {هو مُوَلِّيْها} وجهَه أَيْ: مستقبلها {فاستبقوا الخيرات} فبادروا إلى القبول من الله عزَّ وجل ووَلُّوا وجوهكم حيث أمركم الله تعالى {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} يجمعكم الله تعالى للحساب فيجزيكم بأعمالكم ثم أَكَّد استقبال القبلة أينما كان بآيتين وهما قوله تعالى: