اسم الکتاب : الوجيز المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 113
{ثم قست قلوبكم} يا معشر اليهود أَي: اشتدَّت وصلبت {من بعد ذلك} من بعد هذه الآيات التي تقدَّمت من المسخ ورفع الجبل فوقهم وانبجاس الماء من الحجرِ وإحياء الميت بضرب عضوٍ وهذه الآيات ممَّا يصدِّقون بها {فهي كالحجارة} في القسوة وعدم المنفعة بل {أشد قسوة} وإنَّما عنى بهذه القسوة تركهم الإِيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بعد ما عرفوا صدقه وقدرةَ الله تعالى على عقابهم بتكذيبهم إيَّاه ثمَّ عذر الحجارة وفضَّلها على قلوبهم فقال: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماء وإنَّ منها لما يهبط} ينزل من علوٍ إلى سفل {مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} قال مجاهدٌ: كلُّ حجرٍ تفجَّر منه الماء أو تشقَّق عن ماء أو تردَّى من رأس جبلٍ فهو من خشية الله تعالى نزل به القرآن ثمَّ أوعدهم فقال: {وما الله بغافلٍ عمَّا تعملون} ثمَّ خاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فقطع طمعهم عن إيمانهم فقال:
{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم} وحالهم أنَّ طائفةً منهم كانوا {يسمعون كلام الله} يعني التَّوراة {ثم يحرفونه} يُغيِّرونه عن وجهه يعني: الذين غيَّروا أحكام التَّوراة وغيَّروا آية الرَّجم وصفة محمد صلى الله عليه وسلم {من بعد ما عقلوه} أَيْ: لم يفعلوا ذلك عن نسيانٍ وخطأٍ بل فعلوه عن تعمُّدٍ {وهم يعلمون} أنَّ ذلك مَكْسَبةٌ للأوزار
{وإذا لقوا الذين آمنوا} يعني: منافقي اليهود {قالوا آمنا} بمحمَّدٍ وهو نبيٌّ صادقٌ نجده في كتبنا {وإذا خلا بعضهم إلى بعض} يعني: إذا رجع هؤلاء المنافقون إلى رؤساهم لاموهم فقالوا: {أتحدثونهم} أتخبرون أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - {بما فتح الله عليكم} من صفة النَّبيِّ المُبشَّر به {ليحاجُّوكم} ليجادلوكم ويخاصموكم {به} بما قلتم لهم {عند ربكم} في الآخرة يقولون: كفرتم به بعد أن وقفتم على صدقة {أفلا تعقلون} أفليس لكم ذهن الإنسانيَّة؟ فقال الله تعالى:
اسم الکتاب : الوجيز المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 113