اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 541
اختبار الشيخ أبي الحَسَنِ، ورجّحه الطبري، وهو ظاهر الآية أنه من الملائكة.
قال ابن عباس: «وكان اسمه عزَازِيل، وكان من أشراف الملائكة، وكان من أُولِي الأَجْنِحَةِ الأَرْبَعَةِ ثم إبليس بعد» .
وروى سليمان بن حَرْب عن عكرمة عن ابن عَبَّاس قال: كان إبْلِيسُ من الملائكة، فلما عَصَى الله غضب عليه فَلَعَنَهُ، فصار شيطاناً.
وحكى المَاوَرْدِيّ عن قتادة: أنه كان من أَفْضَلِ صنف من الملائكة يقال لهم الجنّة.
وقال سعيد بن جبير: إن الجنّ سِبْطٌ من الملائكة خُلقوا من نار، وإبليس منهم، وخلق معاشر الملائكة من نور.
حجّة القول الأول، وهو أنه لم بكن من الملائكة وجوه:
أحدها: قوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن} [الكهف: 50] وإذا كان من الجنّ وجب أن ألاّ يكون من الملائكة لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} [سبأ: 40، 41] ، وهذا صريح في الفرق بين الجنّ والمَلَكِ.
فإن قيل: لا نسلّم أنه كان من الجنّ، لأن قوله: {كَانَ مِنَ الجن} [الكهف: 50] يجوز أن يكون المراد كان من الجنّة على ما روي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْه - أنه كان من الجنّ كان خازن الجنة.
سلمنا ذلك، لكن لِمَ لاَ يجوز أن يكون قوله: «من الجن» أي: صار من الجن كقوله: {وَكَانَ مِنَ الكافرين} .
سلّمنا ما ذكرتم، فَلِمَ قلتم: إن كونه من الجنّ ينافي كونه من الملائكة؛ لأن الجن مأخوذ من الاجتنان، وهو الستر، ولهذا سمي الجَنين جنيناً لاجتِنَانِه، ومنه الجُنّة لكونها سائرة، والجِنّة لكونها مستترة بالأَغْصَان، ومنه الجُنُون لاستتار العَقْل به، والملائكة مستترون عن الأعين، فوجب جواز إطلاق لفظ الجِنّ عليهم بحسب اللُّغة، يؤيد هذا التأويل قوله تعالى في الآية الأخرى: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً} [الصافات: 158] ، وذلك لأن قريشاً قالت: الملائكة بنات الله، فهذه الآية تدلّ على أن الملائكة تسمى جنًّا.
والجواب: لا يجوز أن يكون المُرَاد من قوله: «كان من الجن» أنه كان خازن الجنّة؛ لأن قوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن} [الكهف: 50] يشعر بتعليل تركه السُّجود
اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 541