اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 532
ولقائل أن يقول: فهذا يقتضي أن يكون آدم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - أفضل من محمد عليه الصلاة والسّلام؛ لأنه أوّل من سَنّ عبادة الله من البشر وأسبق، وذلك باطل.
وسادسها: أن الملائكة رُسُل إلى الأنبياء، والرسول أفضل من الأمة.
فإن قيل: إن السلطان إذا أرسل واحداً إلى جمع عظيم ليكون حاكماً فيهم، فإنه يكون أشرف منهم، أمّا إذا أرسل واحداً إلى واحد، فقد لا يكون الرسول أشرف، كما إذا أرسل السلطان مَمْلُوكَهُ إلى وزيره في مُهِمَّة [فإنه لا يلزم أن يكون ذلك العبد أشرف من الوزير] . قلنا: لكن جبريل - عليه السلام - مبعوث إلى كافة الأنبياء والرسل من البشر، فعلى هذا يكون جبريل أفضل منهم.
وأيضاً أن الملك قد يكون رسولاً إلى ملك آخر أو إلى أحد من الأنبياء، وعلى التقديرين الملك رسول، وأمته رسل، والرسول الذي كل أمته رسل أفضل من الرسول الذي ليس كذلك، ولأن إبراهيم - عليه الصّلاة والسلام - كان رسولاً إلى لُوطٍ - عليه السّلام - فكان أفضل منه، وموسى كان رسولاً إلى الأنبياء الذين كانوا في عَصْرِهِ، فكان أفضل منهم.
ولقائل أن يقول: الملك إذا أرسل رسولاً إلى بعض النواحي، فقد يكون ذلك الرسول حاكماً ومتولياً أمورهم، وقد يكون ليخبرهم عن بعض الأمور مع أنه لا يجعله حاكماً عليهم، فالقسم الأوّل هم الأنبياء المبعوثون إلى أممهم، فلا جرم كانوا أفضل من الأنبياء.
وسابعها: قوله: {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملاائكة المقربون} [النساء: 172] فقوله: «ولا الملائكة» خرج مخرج التأكيد للأول، وهذا التأكيد إنما يكون بذكر الأفضل يقال: هذه الخَشَبة لا يقدر على حملها العَشْرة، ولا المائة، ولا يقال: لا يقدر على حملها العشرة ولا الواحد، ويقال: هذا العالم لا يَسْتَنْكِفُ عن خدمته الوزير ولا الملك، ولا يقال: ولا يستنكف عن خدمته الوزير ولا البواب.
ولقائل أن يقول: هذه الآية إن دلّت، فإنما تدلّ على فضل الملائكة المقرّبين على المسيح، لكن لا يلزم منه فَضْلُ الملائكة المقربين على مَنْ هو أفضل من المسيح، وهو
اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 532