اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 480
تعالى - أخبر أن من فعل هذه الأَفَاعيل خسر فقال: «أُولِئَكَ هُمُ الخَاسِرُونَ» كقوله: {وأولئك هُمُ المفلحون} [البقرة: 5] ، وقد تقدم أنه يجوز أن تكون هذه الجملة خبر «الذِينَ يَنْقُضُونَ» إذا جعل مبتدأ.
وإن لم يجعل مبتدأ، فهي مستأنفة، فلا محل لها حينئذ، و «هم» زائدة، ويجوز أن يكون «هم» مبتدأ ثان، و «الخَاسِرُونَ» خبره، والثاني وخبره خبر الأول.
والخاسر: الذي نقص نفسه حظها من الفلاح والفوز.
والخسران: النقصان، كان في ميزان أو غيره؛ قال جرير: [الرجز]
342 - إِنَّ سَلِيطاً فِي الخَسَارِ إِنَّهْ ... أَوْلادُ قَوْمٍ خُلِقُوا أَقِنَّهْ
يعني بالخسار ما ينقص من حظوظهم وشرفهم.
قال الجوهري: وخسرت الشيء بالفتح - وأخسرته نقصته.
والخَسَار والخَسَارَة والخَيْسَرَى: الضَّلال والهلاك. فقيل للهالك: خاسر؛ لأنه خسر نفسه، وأهله يوم القيامة، ومنع منزله من الجَنَّة.
فصل
قال القرطبي: في هذه الآية دليلٌ على أنَّ الوفاء بالعهد والتزامه، وكل عهد جائز ألزمه المرء نفسه، فلا يحل له نقضه، سواء أكان بين مسلم أم غيره، لذم الله - تعالى - من نقض عهده.
وقد قال: {أَوْفُواْ بالعقود} [المائدة: 1] وقد قال لنبيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ} [الأنفال: 58] فنهاه عن الغَدْرِ، وذلك لا يكون إلاَّ بنقض العهد، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
اعلم أنه - تعالى - لما تكلَم في دلائل التوحيد، والنبوة، والمعاد شَرَعَ في شَرْحِ النعم التي عمت جميع المكلفين. فالمراد بهذا الاستخبار التَّبكيت والتعنيف.
قوله: «كيف» استفهام يسأل به عن الأحوال، وبني لتضمنه معنى الهمزة، وبني على أخف الحركات، وكان سبيلها أنْ تكون ساكنةً؛ لأن فيها معنى الاستفهام الذي معناه التعجب.
اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل الجزء : 1 صفحة : 480