responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل    الجزء : 1  صفحة : 320
في صورة العلم، وهو أنه - تعالى - لما علم منه أنه لا يؤمن، فكان صدور الإيمان منه يستلزم انقلاب علم الله جهلاً، وذلك محال، ويستلزم من المُحَال محال، فالأمر واقع بالمحال.
ونذكر هذا على وجهٍ ثالثٍ: وهو أن وجود الإيمان يستحيل أن يوجد مع العلم بأنه لا يؤمن؛ لأنه إنما يكون علماً لو كان مطابقاً للمعلوم، والعلم بعدم الإيمان يلزم أن يجتمع في الإيمان كونه موجوداً ومعدوماً معاً، وهذا مُحَال، والأمر بالإيمان مع وجود علم الله بعدم الإيمان أمر بالجمع بين الضِّدِّين، بل أمر بالجمع بين العدم والوجود، وكل ذلك مُحَال.
ونذكر هذا على وَجْه رابع: وهو أنه - تعالى - كلف هؤلاء الذين أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون البتة [والإيمان يعتبر فيه تصديق الله - تعالى - في كل ما أخبر عنه أنهم لا يؤمنون قط] وقد صاروا مكلفين بأن يؤمنون بأنهم لا يؤمنون قط، وهو مكلف بالجمع بين النفي والإثبات.
ونذكر هذا على وجه خامس: وهو أنه - تعالى - عاب الكُفَّار على أنهم حاولوا فعل شيء على خلاف ما أخبر عنه في قوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ الله قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ الله مِن قَبْلُ} [الفتح: 15] ، فثبت أن القصد إلى تكوين ما أخبر الله عن عدم تكوينه قصد لتبديل كلام الله، وذلك منهي عنه.
ثم هاهنا أخبر الله - تعالى - عنهم أنهم لا يؤمنون ألبتة، فمحاولة الإيمان منهم تكون قصداً إلى تبديل كلام الله، وذلك منهي عنه وترك محاولة الإيمان يكون - أيضاً - مخالفة لأمر الله، فيكون الذم حاصلاً على الترك والفعل. فهذه هي الوجوه المذكورة في هذا الموضع وهي هادمة لأصول الاعتزال، وكل ما استدلّ به المعتزلة من الآيات الواردة، فيأتي الجواب عنها عند ذكر كل آية منها إن شاء الله تعالى.

اعلم أنه - تعالى - لما بيَّن في الآية الأولى أنَّهُمْ لا يؤمنون أخبر في هذه الآية السَّبب الذي لأجله لم يؤمنوا وهو الختم.
واعلم أن الختم والكَتْم أخوان وهو: الاشتياق بالشَّيء بضرب الخاتم عليه كتماً له وتغطية؛ لئلا يتوصّل إليه، ومنه: الخَتْم على الباب.
«على قلوبهم» متعلّقة ب «ختم» ، و «على سمعهم» يحتمل عطفه على «قلوبهم» ، وهو الظاهر، للتصريح بذلك، أعني: نسبة الختم إلى السمع في قوله تعالى: {وَخَتَمَ على سَمْعِهِ} [الجاثية: 23] ويحتمل أن يكون خبراً مقدماً، وما بعده عطف عليه.

اسم الکتاب : اللباب في علوم الكتاب المؤلف : ابن عادل    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست