اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 455
هذا
قُلْ يا أكمل الرسل في جوابهم إلزاما لهم وتبكيتا لا تستبعدوا ايها الضالون المعاندون أمثال هذا البعث والأحياء عن قدرة الله في الأشياء التي قد عهد حياتها من قبل إذ لا بعد ولا غرابة فيها بل كُونُوا حِجارَةً هي ابعد بمراحل عن قبول الحيوة أَوْ حَدِيداً هو أشد بعدا منها
أَوْ خَلْقاً آخر مثلا هو ايضا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ويستحيل في نفوسكم اتصافه بالحيوة فالله القادر المقتدر بالقدرة الغالبة الكاملة والقوة الشاملة قادر على احيائه وإيجاده ان تعلقت ارادته ومضت مشيته ونفذت حكمه وقضاؤه على تكوينه وإظهاره وبعد ما أفحموا عن سماع الحجة القوية وانحسرت عقولهم عن المقابلة معها فَسَيَقُولُونَ مستفهمين عن تعيين الحق المبدئ المعيد على سبيل الإنكار مَنْ يُعِيدُنا بعد موتنا وبعد صيرورتنا عظاما ورفاتا قُلِ يا أكمل الرسل يعيدكم الَّذِي فَطَرَكُمْ وأظهركم من كتم العدم أَوَّلَ مَرَّةٍ إظهارا إبداعيا وإيجادا اختراعيا بلا سبق مادة ومدة فاعادتكم أهون عليه من ابدائكم وابداعكم وبعد ما سمعوا منك قولك فَسَيُنْغِضُونَ ويحركون إِلَيْكَ ايها المؤيد من عند الله لإلزام أولئك الغواة الطغاة الهالكين في تيه المكابرة والعناد رُؤُسَهُمْ على وجه الاستهزاء والاستبعاد وَيَقُولُونَ حينئذ مستسخرين مَتى هُوَ مع ان الأنبياء الماضين يدعون مثلك قيامها ووقوعها فلم تقع بعد وأنت ايضا تدعى فلا تقع وبالجملة ما هي الا مجرد الدعوى منك ومنهم بلا وقوع ولا ورود قُلِ لهم يا أكمل الرسل عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً يعنى بعد ما قد ختم امر الرسالة والتشريع وكمل بناء الدين وشيد أركانه وبنيانه فقد قرب وقوعها فانتظروا ايها المؤمنون المصدقون ليوم الحشر والنشر مترصدين مترقبين
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ الله للبعث والحشر فَتَسْتَجِيبُونَ له أنتم طائعين راغبين ملتبسين بِحَمْدِهِ معترفين بكمال قدرته ووفور حوله وقوته وَتذكروا من طول ذلك اليوم وشدة أهواله وافزاعه على الكافرين ومن داوم عيشه وحضوره عليكم قد تَظُنُّونَ أنتم وتعتقدون فيه حين حضوركم إِنْ لَبِثْتُمْ وما أقمتم وما سكنتم في النشأة الاولى إِلَّا قَلِيلًا يعنى تستقلون وتستقصرون مدة لبثكم في الدنيا يعنى مع كثرة شدائد يوم القيمة وأهوالها على الكفرة ودوام عيشها على المطيعين
وَقُلْ يا أكمل الرسل على سبيل العظة والتذكير وتهذيب الأخلاق وتصفية الباطن لِعِبادِي يعنى المؤمنين الموقنين بشئونى وظهوري حسب تجلياتى في الاولى والاخرى الكاملين المكملين الراشدين المرشدين إذا أرادوا هداية التائهين في بحر الغفلة والضلال يَقُولُوا كل منهم وقت تذكيرهم وتنبيههم رفقا لهم وتليينا لقلوبهم بالكلمة الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الكلمات وألينها وأتمها نفعا وأقربها للقبول لا بالتي هي أخشن واغلظ لتكون مدخلا للشيطان مثيرة للفتن والطغيان إِنَّ الشَّيْطانَ المضل المغوى يَنْزَغُ ويوقع الفتنة بَيْنَهُمْ اى بين المرشد والمسترشد ويهيجها ويثيرها الى ان ادى الأمر الى المشاجرة والمقاتلة وانواع الخصومات المخلة للحكمة المقصودة من امر النبوة والرسالة والكلمة الغليظة كثيرا ما تفضى إليها فيفوت الغرض الأصلي منها وبالجملة إِنَّ الشَّيْطانَ قد كانَ في اصل فطرته وجبلته خلق لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ظاهر العداوة مستمر الفتنة بحيث لا يرجى رفع عداوته أصلا فلكم ايها الهادون الناصحون ان لا تغلظوا ولا تخشنوا في دعوة الناس الى طريق الحق ولا تبالغوا ايضا في إرشادهم وهدايتهم إذ ما عليكم الا تبليغ ما أمرتم بتبليغه وليس في وسعكم وطاقتكم رشدهم وهدايتهم البتة إذ هو مبنى على العلم باستعداداتهم وقابلياتهم ولا علم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 455