responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 445
[سورة الإسراء]

فاتحة سورة الإسراء
لا يخفى على من سلك نحو توحيد الحق سلوكا تدريجيا طالبا الترقي من مرتبة الى مرتبة أعلى منها وارفع رتبة ومكانة ان لكل واحد من ارباب الولاء الطالبين للعروج الى معارج التوحيد معراجا مخصوصا ومقصدا معينا ومشربا خاصا مقدرا عند الله مثبتا في لوح قضائه وحضرة علمه وان كان مقصدا لكل بحسب الذات واحدا الا انه قد وقع التفاضل والتفاوت في المعارج لحكم ومصالح لا يعلمها الا هو فلا بد للسالك المسترشد ان يستكمل ويسترشد الى ان يصل الى معراجه المعين المقدر له من عنده سبحانه فإذا وصل اليه وحصل دونه فقد أدرك معراجه ونال مقره ومقصده من التوحيد وعند ذلك انقطع سيره وتم سلوكه وبعد ذلك سار وسلك فيه لا به واليه الى ان حار وفنى وليس وراء الله مرمى ومنتهى واشرف المعارج وأكملها وأتم المراقي وأعلاها وأشملها معراج نبينا صلّى الله عليه وسلّم إذ قد انكشف له التوحيد الذاتي الى حيث قد شهد الحق شهودا عينيا حقيا وتكلم معه كلاما تفصيليا بلا كيف واين وبلا وضع وجهة لا مقابلة ولا مقارنة ولا قرب ولا بعد بل حضور وسرور وحصول ووصول لا يفهمها الا ذوو الأذواق الصحيحة والمشارب الصافية من ارباب العناية الفائزين بالفوز العظيم بمتابعته صلّى الله عليه وسلّم وذلك بعد انخلاعه عن جلباب ناسوته وتشرفه بخلعته اللاهوتية لذلك أسند سبحانه اسراءه صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج الى نفسه تفضلا عليه وتكريما فقال متيمنا باسمه العظيم بِسْمِ اللَّهِ الذي تجلى لحبيبه بمقتضى ذاته المستجمع لجميع أوصافه لذلك قد صارت مرتبته جامعة لجميع المراتب وغاية لعموم شئون الحق وتطوراته الرَّحْمنِ له يوصله الى ذروة معارج عنايته ظاهرا الرَّحِيمِ له يخرجه عن بقعة الإمكان ويهديه الى فضاء الوجوب باطنا
[الآيات]
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى نزه سبحانه ذاته مما يجب تنزهه عنه في حضرة علمه وأبهم اسمه حسب تعاليه وترفعه في ذاته عن افهام عباده وأوصله بالاسراء الحقيقي الذي هو عبارة عن إخراج العبد من ظلمة الإمكان الذي هو الليل الحقيقي الى نور الوجوب الذي هو النهار الحقيقي بِعَبْدِهِ يعنى حبيبه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بعد ما قد اخلع عنه كسوة ناسوته بالمرة والبسه خلعة من خلع لاهوته بحيث قد تجرد عن مقتضيات بشريته مطلقا وارتفعت عنه حجب تعيناته جملة وانكشفت دونه سدول الغفلات وأستار الغشاوات عن بصر بصيرته رأسا وحينئذ قد انطوت المسافات مطلقا لَيْلًا اى في قطعة منه صرح به وان كان الإسراء في اللغة عبارة عن السير في الليل ليعلم ان ابتداءه وانتهاءه كان فيه مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي قد حرم عنده ما أبيح في الأماكن الاخر من الصيد وغيره الا وهو عبارة عن قلب الإنسان الكامل الذي هو بيت الله الأعظم حقيقة وقد حرم فيه التوجه الى الغير والسوى مطلقا وان كان مبنيا في بقعة جسدانية امكانية إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ وكثرنا الخير والبركة على زوارها وساكنيها الا وهو البيت المعمور الأبدي الأزلي الذي هو الوجود المطلق المفيض المنبسط على كافة المظاهر وحوله اى حواليه كناية عن مقتضيات الأوصاف والأسماء الإلهية وزوارها عبارة عن استعدادات المظاهر وقابلياتها المستفيدة منها الناشئة عن اظلال أوصافها وانما اسريناه هكذا لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا الدالة على كمال قدرتنا وحكمتنا ووفور جودنا وكرامتنا إِنَّهُ اى الشأن انه صلّى الله عليه وسلّم بعد تجرده عن جلباب تعينه وهويته الناسوتية هُوَ السَّمِيعُ بسمعنا فيسمع بنا منا الْبَصِيرُ ببصرنا

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست