اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 410
[سورة الحجر]
فاتحة سورة الحجر
لا يخفى على ذوى التمكن والاطمئنان من ارباب التوحيد والعرفان الواصلين الى مرتبة التحقيق والإيقان ان اصحاب التقليد والتلوين المترددين في مضيق الحسبان والتخمين متى ظهر عندهم ولاح عليهم امارات تسليم ارباب التوحيد المفوضين أمورهم كلها الى الله وشاهدوا من ظواهر أحوالهم واوصافهم وأفعالهم امارات الاعتدال وعلامات الرضا والتسليم تمنوا ان يكونوا أمثالهم وعلى اوصافهم وأخلاقهم وأحبوا ان يتدينوا باديانهم ويتخلقوا بأخلاقهم لعدم رسوخهم فيما هم فيه من التقليدات الباطلة والتخمينات العاطلة الموروثة لهم من آبائهم وأسلافهم ويتفطنوا من أنفسهم التزلزل والتذبذب في ظنونهم وجهالاتهم الا انهم من شدة شكيمتهم وضغينتهم وخبث طينتهم لم يقدموا على قبول الايمان والتدين بدين الإسلام مع نزول الآيات الظاهرة الدالة المثبتة لحقيته وورود المعجزات الباهرة المبينة لصدقه ومطابقته للواقع لذلك خاطب سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم على سبيل التنبيه بما يدل على تأييده وتعضيده في امره وأوصاه بترك مكالمتهم ودعوتهم وبشره باهلاكهم وانتقامهم فقال متيمنا باسمه العظيم بِسْمِ اللَّهِ الموفق لعباده بمقتضى مشيته ومراده الرَّحْمنِ لهم بتبيين دلائل دينه وبراهين توحيده حسب استعداداتهم وقابلياتهم الرَّحِيمِ لهم يوفقهم على الاتصاف به وبقبوله
[الآيات]
الر ايها الإنسان الأفضل الأكمل الأليق لان يفيض سبحانه عليك لطائف رموز اسرار ربوبيته ولوائح رقائق سرائر ألوهيته اللامعة اللائحة من مقر رحمته العامة الواسعة وكرامته الكاملة الشاملة تِلْكَ الآيات المذكورة في هذه السورة آياتُ الْكِتابِ اى بعض آيات الكتاب الجامع الناسخ للكتب السالفة وَبعض آيات قُرْآنٍ فرقان فارق بين الهداية والضلالة والرشد والغي مُبِينٍ ظاهر البيان والتبيان لأولى البصائر المتأملين في حكم إيجاد الموجودات سيما الإنسان الكامل المميز الممتاز بأنواع الفضائل والكرامات ولا سيما بالعقل المفاض له المنشعب من العقل الكل الذي هو عبارة عن حضرة العلم المحيط الإلهي ليتوجه به نحو موجده ويتدبر به امر مبدأه ومعاده ومن لم يصرفه الى ما خلق لأجله وجبل لمصلحته فقد كفر وضل ضلالا بعيدا بمراحل عن المرتبة الانسانية وذلك من غاية انهماكهم في الغفلة وعمههم وسكرتهم بمزخرفات الدنيا الدنية وحين أفاقوا عن سكرتهم وعمههم أحيانا
رُبَما يَوَدُّ وقلما يحب ويستحسن على وجه التمني المسرفون المفرطون الَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا الحق ولم يصرفوا عقولهم الى كشفه لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ مصرفين عقولهم الى معرفة الله مفوضين أمورهم كلها اليه متوكلين على الله في عموم أحوالهم لكن من شدة طغيانهم ونهاية غوايتهم وخسرانهم لم يقبلوا منك دعوتك ولم يؤمنوا بك وبكتابك يا أكمل الرسل عنادا واستكبارا حتى ينجوا من خذلان الدنيا وخسران الآخرة
وبالجملة ذَرْهُمْ يا أكمل الرسل وشغلهم في دنياهم يَأْكُلُوا من مأكولاتها المورثة لانواع المرض في قلوبهم وَيَتَمَتَّعُوا بمزخرفاتها الفانية ولذاتها الوهمية البهيمية وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ويشغلهم عن الاشتغال بالطاعات ويحرمهم عن اللذات الاخروية مطلقا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ قبح صنيعهم وسوء فعالهم حين انكشف الأمر وتبلى السرائر فحينئذ يتنبهون على ما فوتوا لأنفسهم من اللذات الروحانية باعراضهم عن الله وكتابه ونبيه
وَمن سنتنا القديمة انا ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ يعنى ما أردنا إهلاك قرية من القرى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 410