اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 102
انا ومن اتبعن بعد ما ظهر لكم دلائل حقيته أم لم تسلموا بغيا وعنادا فَإِنْ أَسْلَمُوا بعد تنبيهك عليهم وتعليمك طريق الهداية والإرشاد فَقَدِ اهْتَدَوْا الى طريق الحق كما اهتديت أنت ومن تبعك من المؤمنين وَإِنْ تَوَلَّوْا واعرضوا عنك وعن دعوتك عنادا واستكبارا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ اى لم يضروك بانصرافهم واعراضهم عنك بل ما عليك من حسابهم من شيء ولا عليهم من حسابك من شيء فاعرض أنت ايضا عنهم وَاللَّهُ المحيط بهم وبضمائرهم بَصِيرٌ خبير بِالْعِبادِ وأحوالهم وأعمالهم يجازيهم على مقتضى علمه وخبرته وقل لهم ايضا تذكيرا واستحضارا حكاية عن حال أسلافهم الماضين
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ وينكرون بِآياتِ اللَّهِ المنزلة على أنبيائه سيما بعد ظهور صدقها وحقيتها وَمع ذلك يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ الذين قد انزل عليهم الآيات من عنده سبحانه بِغَيْرِ حَقٍ
بلا رخصة شرعية اى بلا موافقة بشرع ودين وَيَقْتُلُونَ ايضا المؤمنين الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ والعدل مِنَ النَّاسِ الذين يتبعون شرائعهم وينقادون باديانهم ويمتثلون باوامرهم وأحكامهم قد جرى عليهم في الدنيا ما جرى وسيجرى عليهم في الآخرة بأضعاف ذلك لعلهم يتنبهون ويمتنعون والا فَبَشِّرْهُمْ يا أكمل الرسل بِعَذابٍ أَلِيمٍ جزاء لاصرارهم وعنادهم
وبالجملة أُولئِكَ المصرون المعاندون هم الَّذِينَ حَبِطَتْ وضاعت بالمرة أَعْمالُهُمْ كلها بحيث لا ينفع لهم عند الله لا فِي الدُّنْيا وَلا في الْآخِرَةِ وَما لَهُمْ عند ربهم مِنْ ناصِرِينَ ليشفع لهم او يعين عليهم من الذين كانوا يدعون الاقتداء بهم ويستبصرون منهم لكونهم ضالين منهمكين بالغفلة بحيث لا حظ لهم من الهداية أصلا
أَلَمْ تَرَ ايها الرائي إِلَى الَّذِينَ اى الى إصرار اليهود وعنادهم مع كونهم قد أُوتُوا نَصِيباً كاملا مِنَ الْكِتابِ اى التورية في زعمهم حين يُدْعَوْنَ في الوقائع إِلَى رجوع كِتابِ اللَّهِ مع انهم يدعون الايمان به والعمل بمقتضاه لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ حسبما امر الله فيه كيف يتكاسلون ويتهاونون ثُمَّ يترقى تكاسلهم وتهاونهم الى ان يَتَوَلَّى يستدبر وينبذ فَرِيقٌ مِنْهُمْ الكتاب وراء ظهورهم وَهُمْ مُعْرِضُونَ عنه وعن أحكامه بالمرة روى انه عليه السّلام دخل مدارس اليهود فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد على اى دين أنت يا محمد فقال على دين ابى ابراهيم عليه السّلام فقال ان ابراهيم كان يهوديا فقال صلّى الله عليه وسلّم هلموا كتابك ليحكم بيننا وبينكم فأنكرا عليه صلّى الله عليه وسلّم وامتنعا عن احضاره
فنزلت ذلِكَ التولي والاعراض انما حصل لهم من اعتقادهم الفاسد بِأَنَّهُمْ قالُوا على مقتضى ما اعتقدوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ المعدة لجزاء العصاة إِلَّا أَيَّاماً قلائل مَعْدُوداتٍ سواء كانت ذنوبا كثيرة او قليلة صغيرة كانت او كبيرة وَبالجملة قد غَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ اى جزاؤهم على العصيان والطغيان فيما يفترون في شأن دينهم من أمثال هذه الهذيانات منها قولهم هذا ومنها اعتقادهم ان آباءهم الأنبياء هم يشفعون لهم وان عظمت زلتهم ومنها ان يعقوب عليه السّلام ناجى مع الله ان لا يعذب أولاده الا تحلة القسم قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا
فَكَيْفَ لا تمسهم النار اذكر لهم وقت إِذا جَمَعْناهُمْ إلينا بعد تفريقهم منا لكسب المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات لِيَوْمٍ آن وشأن لا رَيْبَ فِيهِ عند من يكاشف له وبعد ما جمعنا إياهم وَوُفِّيَتْ ووفرت كُلُّ نَفْسٍ جزاء ما كَسَبَتْ من الحقائق والعرفان والمعاصي والخذلان وَهُمْ اى كل منهم في ذلك
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 102