الحديث، وفائدة إعادته.
وقرّر أن الإمام البخاري قد جمع في صحيحه بين الرواية والدراية، فيقول عن الصحيح - في معرض الرد على الكرماني على اعتراضه على البخاري في شرح بعض الكلمات الغريبة، بأن ذلك تكثير لحجم الكتاب لا لتكثير الفوائد - قال:
"وهذا الكتاب وإن كان أصل موضوعه إيراد الأحاديث الصحيحة، فإن أكثر العلماء فهموا من إيراد أقوال الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، أن مقصوده أن يكون كتابه جامعا للرواية والدراية، ومن جملة الدراية شرح غريب الحديث. وجرت عادته أن الحديث إذا وردت فيه لفظة غريبة وقعت أو أصلها أو نظيره في القرآن أن يشرح اللفظة القرآنية، فيفيد تفسير القرآن وتفسير الحديث معا"[1].
وفي موضع آخر ينقل كلام الكرماني في اعتراضه على البخاري لإيراده بعض المباحث الفقهية، حيث يقول "وأمثال هذه المباحث غير مناسبة لوضع هذا الكتاب إذ هو خارج عن فنه". ورد عليه قائلا:
"وهو ردّ عجيب منه، لأن كتاب البخاري كما تقدم تقريره لم يقصد به إيراد الأحاديث نقلا صرفا، بل ظاهر وضعه أنه يجعل كتابا جامعا للأحكام وغيرها، وفقهه في تراجمه، فلذلك يورد فيه كثيراً الاختلافات العالي ويرجح أحيانا ويسكت أحيانا توقفا عن الجزم بالحكم، ويورد كثيراً من التفاسير ويشير فيه إلى كثير من العلل وترجيح بعض الطرق على بعض، فإذا أورد فيه شيئا من المباحث لم تستغرب، وأما رمزه إلى أن طريقة البحث [1] انظر: فتح الباري 6/366.