اسم الکتاب : الدر المصون في علوم الكتاب المكنون المؤلف : السمين الحلبي الجزء : 1 صفحة : 500
إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسواء} [يوسف: 53] {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ} [يوسف: 18] {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} [المائدة: 30] واستكبر بمعنى تَكَبَّرَ.
قوله: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ} الفاءُ عاطفةٌ جملةَ» كَذَّبْتم «على» استكبرتم «و» فريقاً «مفعولٌ مقدَّم قُدِّم لتتفقَ رؤوسَ الآي، وكذا {وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} ، ولا بُدَّ من محذوفٍ أي: فريقاً منهم، والمعنى أنه نشأ عن استكبارهم مبادرةُ فَرِيقٍ من الرسلِ بالتكذيب ومبادَرَةُ آخرين بالقتلِ، وقَدَّم التكذيبَ لأنه/ أولُ ما يفعلونه من الشرِّ ولأنه مشتركٌ بين المقتولِ وغيره، فإنَّ المقتولِين قد كذَّبوهم أيضاً، وإنما لم يُصَرِّحْ به لأنه ذَكَرَ أقبحَ منه في الفعلِ. وجيء ب» تقتلون «مضارعاً: إمَّا لكونِه مستقبلاً لأنهم كانوا يَرُومون قَتْلَ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولِما فيه من مناسبة رؤوسِ الآيِ والفواصِل، وإمَّا أن يُرادَ به الحالُ الماضيةُ أن الأمرَ فظيعٌ فأُريد استحضارُه في النفوس وتصويرُه في القلوب. وأجازَ الراغب أَنْ يكونَ {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ} معطوفاً على قوله» وأَيَّدْناه «ويكونُ» أفكلما «مع ما بعده فَصْلاً بينهما على سبيلِ الإِنكار، والأظهرُ هو الأولُ، وإنْ كان ما قاله محتملاً.
قوله تعالى: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} . . مبتدأٌ وخبر، والجملةُ في محلِّ نصبِ بالقول قبلَه، وقرأ الجمهورُ: «غُلْفٌ» بسكون اللام، وفيها وجهان، أحدهما وهو الأظهرُ: أن يكونَ جمع «أَغْلَف» كأحمر وحُمْر وأصفر وصُفْر، والمعنى على هذا: أنها خُلِقَتْ وجُبِلت مُغَشَّاةً لا يَصِلُ إليها الحقُّ استعارةً من الأغلف الذي لم يُخْتَتَنْ. والثاني: أن يكونَ جمعَ «
اسم الکتاب : الدر المصون في علوم الكتاب المكنون المؤلف : السمين الحلبي الجزء : 1 صفحة : 500