اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 373
أنه لا يفعله، فأحب الله تعالى أن يريه آية في نفسه وفي إحياء القرية، {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259] وذلك أنه نام فنزع الله منه الروح مائة عام، وكان معه حمار وتين وعصير، فأمات الله حماره أيضا، فلما مضت مائة سنة أحيا الله تعالى منه عينيه، وسائر جسده ميت، ثم أحيا جسده وهو ينظر، ثم نظر إلى حماره، فإذا عظامه بيض تلوح، فسمع صوتا من السماء: أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تكتسي لحما وجلدا.
فكان كذلك، ثم قام بإذن الله ونهق، فذلك قوله: {ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} [البقرة: 259] أي: كم أقمت ومكثت ههنا؟ {قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [البقرة: 259] وذلك أن الله تعالى أماته ضحى في أول النهار، وأحياه بعد مائة عام في آخر النهار قبل أن تغيب الشمس، فقال: {لَبِثْتُ يَوْمًا} [البقرة: 259] وهو يرى أن الشمس قد غربت، ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال: {أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [البقرة: 259] بمعنى: بل بعض يوم، {قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ} [البقرة: 259] يعني التين، وشرابك يعني العصير، {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] لم يتغير ولم ينتن بعد مائة سنة، والتسنه: التغير.
وقال: قرأ لم يتسن بغير هاء، أخذه من التسني، وهو التغير أيضا بمر السنين عليه.
قال ابن عباس: نظر إلى التين فإذا هو كما اجتناه، ونظر إلى العصير فإذا هو كهيئته لم يتغير.
وقوله: {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} [البقرة: 259] أراه الله علامة مكثه مائة سنة ببلى عظام حماره.
قوله: {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: 259] قال المفسرون: جعله الله آية للناس بأن بعثه شابا أسود الرأس واللحية، وبنو بنيه شيب.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 373