اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 714
عاقبة الكفر المصحوب بالعناد
إذا لم تفلح وسائل الإصلاح الهادئة أو المقترنة بشيء من الإنذارات والتحذيرات، واعتصم الكافرون بالتحدي والعناد، فإن العاقبة تكون وخيمة، والعقاب واقع حتما لا محالة، إما في الدنيا أو في الآخرة يقع الندم حينئذ، وهكذا كان الحال مع فرعون وقوعه، حذرهم موسى، وأتى لهم بالبينات والحجج الدالة على صدقه في رسالته، وكانت الإنذارات تتعاقب فيهم وهي الآيات التسع أو أنواع العقوبات وألوان العذاب التي بعثها الله عليهم ليزدجروا وينيبوا، فلم يرتدعوا، فاستحقوا عذاب الاستئصال والإغراق في البحر، قال الله تعالى:
[سورة الأعراف (7) : الآيات 134 الى 136]
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (136)
«1» [2][3] [الأعراف: 7/ 134- 136] .
حين نزل العذاب الشديد وتواترت ألوان العقاب على فرعون وقومه الكافرين من الجراد والضفادع والدم وطوفان الماء وغيرها من الآيات التسع، حينئذ اضطرب قوم فرعون واشتد فزعهم، وطلبوا من موسى عليه السلام أن يدعو ربه، بسبب ما عهد الله عنده من النبوة والرسالة والكرامة والمحبة وصلة العهد مع الله من طاعة موسى ونعمه عليه، وأقسموا له: لئن كشفت عنا بدعائك ذلك العذاب، لنصدقن برسالتك، ونؤمننّ بما جئت به من عند ربك، ولنرسلن معك بني إسرائيل إلى حيث تتوجه وتريد، ليتمكنوا من عبادة ربهم كما شاؤوا. وهذا عهد من فرعون وملئه الذين بيدهم الحل والعقد. ولكن قوم فرعون لما كشف الله عنهم العذاب، وأزال
(1) العذاب الشديد الشامل. [2] ينقضون عهدهم. [3] أي البحر الأحمر.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 714