اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 379
أبان الله تعالى أن كل حديث سري أو تدبير خفي أو مناجاة لا خير فيه إلا ما كان بقصد التعاون على الخير والتصدق على المحتاجين، أو الأمر بالمعروف أو الإصلاح بين الناس لأن حديث السر يغلب فيه ارتكاب الإثم وإضمار السوء. أما التناجي في الأمور العادية كالزراعة والصناعة والتجارة ونحوها من المنافع والمصالح فلا بأس به، ولا يوصف ذلك بالشر، ولا ينهى عنه الشرع.
والخيرية إنما تكون في هذه الأشياء الثلاثة، في السر دون الجهر، لأن تحقيق جدواها أو منفعتها إنما يكون في حال السر، وهذه الأشياء هي كما تقدم بذل الصدقات للفقراء والمحتاجين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس لإزالة الخصومة وتقريب وجهات النظر وإزالة سوء التفاهم. ومن يفعل أحد هذه الأشياء بقصد طلب الرضا من الله والإخلاص في العمل فسوف يؤتيه الله ثوابا عظيما، الله أعلم به.
وجاء في السنة النبوية الشريفة ما يؤيد هذه الآية القرآنية،
أخرج الترمذي وغيره عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلام ابن آدم كله عليه، لا له، إلا ذكر الله عز وجل، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر» .
ثم حذرت آية وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ الناس من الشذوذ ومخالفة الجماعة، ومن معاداة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالارتداد عن دينه، بعد ما ظهر للمؤمن الحق والهدى، وجعلت الآية اتباع غير سبيل المؤمنين، ومخالفة إجماعهم واتفاقهم مثل معاداة الرسول تماما، وجزاء المعادي أو مخالف الجماعة: أن يتركه الله تعالى يتخبط في دياجير الظلام والضلال، وأن يدخله نار جهنم، وبئس ذلك المصير أو المرجع مصير هؤلاء المرتدين أو الشاذين عن طريق الجماعة.
دلت هاتان الآيتان على وجوب أمرين خطيرين:
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 379