responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 523
أى: صونوا أنفسكم عن كل ما يغضب الله- تعالى- فيما يتعلق بأمور الزوجية وفي غيرها مما شرعه لكم، واعلموا أنه- سبحانه- عليم بكل شيء، عليم بما تسرونه وما تعلنونه، وسيحاسب كل إنسان بما قدمت يداه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.
ثم بين- سبحانه- ما ينبغي اتباعه عند حصول الطلاق وإمضائه حتى لا يقع ظلم أو جور فقال- تعالى-: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ.
قال القرطبي: تعضلوهن معناه تحبسوهن، ودجاجة معضل أى: قد احتبس بيضها، وقيل: العضل التضييق والمنع وهو راجع إلى معنى الحبس. يقال: أعضل الأمر: إذا ضاقت عليك فيه الحيل. قال الأزهرى: وأصل العضل من قولهم: عضلت الناقة إذا نشب ولدها فلم يسهل خروجه. ويقال أعضل الأمر إذا اشتد، وداء عضال أى شديد عسر البرء أعيا الأطباء ... » [1] .
والمعنى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن أى: انقضت عدتهن وخلت الموانع من زواجهن، فلا تمنعوهن من الزواج بمن يردن الزواج به، متى حصل التراضي بين الأزواج والزوجات على ما يحسن في الدين، وتقره العقول السليمة، ويجرى به العرف الحسن.
والمراد ببلوغ الآجل هنا بلوغ أقصى العدة، بخلاف البلوغ في الآية التي قبل هذه، فإن المراد به المشارفة والمقاربة كما أشرنا من قبل لأن المعنى يحتم ذلك، والخطاب هنا للأزواج وللأولياء ولكل من له تأثير على المرأة المطلقة، وذلك لأن منع الزوجة من الزواج بعد انقضاء عدتها قد يكون من جانب الزوج السابق، لا سيما إذا كان صاحب جاه وسلطان وسطوة، فإنه يعز عليه أن يتزوج مطلقته أحد بعده فيمنعها من الزواج.
وقد يكون المنع من جانب الأولياء، وقد أورد المفسرون آثارا تشهد لذلك منها- كما يقول الآلوسى- ما أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود من طرق شتى عن معقل بن يسار قال: كانت لي أخت فأتانى ابن عم لي فأنكحتها إياه، فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة، ولم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهوته ثم خطبها مع الخطاب. فقلت له: أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها ثم جئت تخطبها، والله لا ترجع إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فعلم الله- تعالى- حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل هذه الآية. ففي نزلت فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه..» [2] .

[1] تفسير القرطبي ج 3 ص 159.
[2] تفسير الآلوسى ج 1 ص 144.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 523
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست