responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 389
المرض والسفر، لأنه يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولأنه يريد منكم أن تكملوا عدة الشهر بأن تصوموا أيامه كاملة فتحصلوا خيراته ولا يفوتكم شيء من بركاته، ومن لم يستطع منكم أداء الصوم في هذا الشهر لعذر فعليه قضاء ما فاته منه في أيام أخر ويريد منكم أن تكبروه- سبحانه- أى تحمدوه وتعظموه، فهو وحده الذي هداكم إلى تلك الأحكام النافعة التي فيها صلاحكم وسعادتكم ويريد منكم أن تشكروه بأن تواظبوا على الثناء عليه، وعلى استعمال نعمه فيما خلقت له فهو- سبحانه- الرءوف الرحيم بعباده، إذ شرع لهم ما فيه اليسر لا ما فيه العسر.
وقد دلت الآية الكريمة على الأمر بالتكبير إذ جعلته مما يريده الله- تعالى- ولهذا جاءت السنة باستحباب التحميد والتسبيح والتكبير بعد الصلوات المكتوبات، وفي عيدي الفطر والأضحى يكون تكبير الله- تعالى- هو مظهرهما الأعظم.
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد بينت أكمل بيان وأحكمه فضل الصوم، وحكمة مشروعيته ومظاهر رحمة الله بعباده في هذه الفريضة، وقد ذكرت أن المسلّم له بشأن هذه الفريضة حالة من حالات ثلاث:
الحالة الأولى: إذا كان المسلّم في شهر رمضان كله أو بعضه مريضا بمرض عارض غير مزمن يرجى الشفاء منه، أو مسافرا تتوفر فيه شروط الفطر، فله أن يفطر وأن يقضى بعد رمضان الأيام التي أفطرها بدليل قوله- تعالى-: وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
الحالة الثانية: إذا كان المسلّم في شهر رمضان مريضا بمرض مزمن لا يرجى شفاؤه والصوم فيه مشقة عليه، أو كان شيخا كبيرا أو امرأة عجوزا ولا يستطيعان الصوم، فقد أباح الشارع لهؤلاء أن يفطروا وأن يطعموا عن كل يوم مسكينا، لأن هذه الاعذار لا يرجى زوالها، ولا ينتظر أن يكون المبتلى بعذر منها بعد رمضان خيرا منه في رمضان، لذا أوجب الشارع على هؤلاء الفدية دون القضاء، بدليل قوله- تعالى-: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.
الحالة الثالثة: إذا كان المسلّم في شهر رمضان سليما مقيما وليس عنده عذر يمنعه من الصوم، فقد أوجب الله عليه أداء هذه الفريضة بقوله- تعالى-: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ويحرم عليه أن يفطر، وإن أفطر لغير عذر شرعي كان من الخاسرين في الدنيا والآخرة، ففي الحديث الشريف الذي رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبى هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه- أى لم يجزه- صوم الدهر كله وإن صامه» [1] .

[1] الترغيب والترهيب للمنذرى ج 2 ص 108.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست