responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 201
وتضييعهم لأحكام التوراة. فهم بسبب كفرهم المستمر الذي تعددت أسبابه، يصيبهم غضب كثير متعاقب من الله- تعالى-.
ويصح أن يكون معنى قوله: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ أنهم رجعوا بغضب شديد مؤكد، لصدوره من الله- تعالى-.
والمراد بالكافرين، اليهود الذين تحدث عنهم فيما سبق، فهم الذين عرفوا صدق محمد صلّى الله عليه وسلّم في نبوته بما نطقت به التوراة، ومع ذلك كفروا به فاستحبوا العمى على الهدى.
وعبر عنهم بهذا العنوان للتنبيه على أن ما أصابهم من عذاب مذل لهم كان بسبب كفرهم، ويصح أن يراد بالكافرين: كل كافر وهم يدخلون فيه دخولا أوليا وإنما كان لهم العذاب المهين لأن كفرهم لما كان سببه البغي والحسد والتكبر والأنانية، قوبلوا بالإهانة والصغار.
وبذلك تكون الآيتان الكريمتان قد كشفتا عن لون من صفات اليهود الذميمة وهو إعراضهم عن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم الذي كانوا يستنصرون به على أعدائهم قبل بعثته، وبيعهم الإيمان الذي كان في مكنتهم الظفر به بالكفر بما أنزل الله من دين قويم، وكتاب كريم إرضاء لغريزة الحقد الذي استحوذ على قلوبهم، وتمشيا مع أثرتهم التي أبت عليهم أن يؤمنوا بنبي ليس من نسل إسرائيل ولو جاءهم بالحق المبين، فحق عليهم قول الله- تعالى-: فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ.
ثم حكى القرآن بعد ذلك بعض المعاذير الكاذبة التي كان اليهود يعتذرون بها عند ما يدعون إلى الدخول في الإسلام، فقد كانوا يقولون إننا مكلفون ألا نؤمن إلا بكتابنا التوراة، فنحن نكتفي بالإيمان به دون غيره. استمع إلى القرآن- وهو يعرض دعاواهم الكاذبة ثم يقذفها بالحق فيدمغها- حيث يقول:

[سورة البقرة (2) : الآيات 91 الى 93]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)

اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست