responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 179
أَفَتَطْمَعُونَ [1] أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ [2] مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
ومعنى الآية الكريمة: أفتطمعون- أيها المؤمنون- بعد أن وصفت لكم من حال اليهود ما وصفت من جحود ونكران، أن يدخلوا في الإسلام. والحال أنه كان فريق من علمائهم وأحبارهم يسمعون كلام الله ثم يميلونه عن وجهه الصحيح من بعد ما فهموه، وهم يعلمون أنهم كاذبون بهذا التحريف على الله تعالى، أو يعلمون ما يستحقه محرفه من الخزي والعذاب الأليم.
فالخطاب في الآية الكريمة للمؤمنين، والاستفهام يقصد به الإنكار عليهم، إذ طمعوا في استجابة اليهود لدعوة الحق، بعد أن علموا سوء أحوالهم، وفساد نفوسهم. والنهى عن الطمع في إيمانهم لا يقتضى عدم دعوتهم إلى الإيمان، فالمؤمنون مأمورون بدعوتهم إليه، لإقامة الحجة عليهم في الدنيا عند إجراء أحكام الكفر عليهم، ولقطع عذرهم في الآخرة وقد تصادف الدعوة إلى الإسلام نفوسا منصفة تستجيب لدعوة الحق، وتهتدى إلى الطريق المستقيم، وهذا ما فعله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معهم هو وأصحابه من بعده. ولكن اليهود صموا آذانهم عن الحق بعد ما عرفوه فأصبحت دعوتهم إلى الإسلام غير مجدية، وهنا يأتى النهى عن الطمع في إيمانهم بهذه الآية وأمثالها.
وجملة وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ حالية، مشتملة على بيان أحد الأسباب الداعية إلى القنوط من إيمانهم، وبذلك يكون التقنيط من إيمانهم قد علل بعلتين:
إحداهما: ما سبق هذه الآية من تصوير لأحوالهم السيئة.
والثانية: ما تضمنته هذه الجملة الكريمة من تحريفهم لكلام الله عن علم وتعمد.
والمراد بالفريق في قوله تعالى: وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ أحبارهم وعلماؤهم الذين عاصروا الرسل الكرام، فسمعوا منهم، أو الذين أتوا بعدهم فنقلوا عنهم.
والتحريف أصله انحراف الشيء عن جهته وميله عنها إلى غيرها. والمراد به هنا: إخراج الوحى والشريعة عما جاءت به، بالتغيير والتبديل في الألفاظ، أو بالكتمان والتأويل الفاسد، والتفسير الباطل.

[1] الطمع تعلق النفس بالحصول على شيء مرغوب تعلقا قويا.
[2] التحريف أصله مصدر حرف الشيء يحرفه إذا مال به إلى الحرف، وهو يقتضى الخروج عن جادة الطريق، ولما شاع تشبيه الحق والصواب بالجادة وبالصراط المستقيم، شاع في تشبيه ما خالف ذلك بالانحراف.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست