responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 117
وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ. وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ [1] .
أى: ولقد نجينا بفضلنا وكرمنا بنى إسرائيل من العذاب المهين الذي كان ينزله بهم فرعون وجنده، بأن أغرقناه ومن معه أمام أعينهم لأنه كان ظلوما غشوما، وفضلا عن ذلك فقد اصطفينا بنى إسرائيل- على علم منا بما يكون منهم- على عالمي زمانهم وآتيناهم من النعم والمعجزات. ما فيه اختبار لقلوبهم، وامتحان لنفوسهم. فكانت نتيجة هذا الاختبار والامتحان أن كفروا بنعم الله، وكذبوا برسله وقتلوهم. فتوعدهم الله في الدنيا بأن يسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة. أما في الآخرة فمأواهم جهنم وبئس المهاد.
- وأيضا- من الآيات التي ساقت أنواعا من نعم الله على بنى إسرائيل ولكنهم لم يشكروه عليها قوله تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ. إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [2] .
والمعنى: ولقد آتينا بنى إسرائيل التوراة لتكون هداية لهم ومنحناهم الحكمة والفقه في الدين، وجعلنا النبوة في عدد كبير منهم، ورزقناهم من طيبات الأغذية والأشربة، وفضلناهم على من عاصرهم من الأمم قيل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلم وفضلا عن ذلك فقد سقنا لهم على أيدى أنبيائهم الكثير من المعجزات والدلائل التي تقوى إيمانهم، وتهديهم إلى الطريق المستقيم ولكنهم لم ينتفعوا بهذه النعم. بل جعلوا علمهم بالدين الحق سببا للخلاف والشقاق، والسير في طريق الضلال، وسيعاقبهم الله بما يستحقونه جزاء جحودهم وعنادهم.
والعبرة التي نستخلصها من هذه الآيات وأمثالها. أن الله- تعالى- فضل بنى إسرائيل على غيرهم من الأمم السابقة على الأمة الإسلامية. ومنحهم الكثير من النعم، ولكنهم لم يقابلوا ذلك بالشكر. بل قابلوه بالتمرد والحسد والبطر. فسلب الله عنهم ما حباهم من نعم، ووصفهم في كتابه بأقبح الصفات وأسوأ الطباع. كقسوة القلب، ونقض العهد، والتهالك على شهوات الدنيا، والتعدي على الغير. والتحايل على استحلال محارم الله، ونبذهم للحق واتباعهم الباطل ... إلى غير ذلك من الصفات التي توارد ذكرها في القرآن الكريم.

[1] سورة الدخان الآيات 30- 33.
[2] سورة الجاثية الآية 17، 18.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست