اسم الکتاب : التفسير الواضح المؤلف : محمد محمود حجازي الجزء : 1 صفحة : 621
في قبضته وهو القاهر فوق عباده، ولا يملك الرسول شيئا، ثم بين هنا أن ما استعجلوه به ليس فيما يدخل في علم النبي حتى يخبرهم في أى وقت يقع وإنما هو مما استأثر الله بعلمه، وهو العليم بكل شيء.
المعنى:
عنده وحده- سبحانه- ما يوصل به إلى الغيب المحجوب عن الكل، أى: عنده علم الغيب. إذ العلم صفة تنكشف بها لله- سبحانه وتعالى- معلومات الغيب والشهادة، وإنما أطلق المفتاح وأراد العلم للإشارة إلى أن الغيب المستور في أماكن بعيدة لا يصل إليها أى مخلوق كالخزائن المغلقة بالأبواب والأغلاق، ولها مفاتيح محكمة، وقيل المعنى: وعنده خزائن الغيب، على أن المراد بالمفاتيح الخزائن. لا يعلمها إلا هو وحده الذي يعلم السر وأخفى، فهذه الجملة إذن توكيد للجملة السابقة.
وهو يعلم كل ما في البر وكل ما في البحر، فهو يعلم المشاهدات كما يعلم المغيبات، والله يعلم ما تسقط من ورقة في أى زمان أو مكان، فهو يعلم الأحوال كلها المتعلقة بالذوات السابقة إذ سقوط الورق حال من الأحوال، وذكره إشارة إلى جميع الأحوال.
وليست هناك حبة في ظلمات الأرض السحيقة. وأغوارها البعيدة، ولا شيء رطب، ولا شيء يابس، أى: ولا حي بالمعنى العام، ولا يابس إلا في مكنون علمه الثابت الذي لا يمحى، كما أن الشيء المسجل المكتوب كتابة لا يمحى، وقيل المعنى:
كل ذلك في اللوح المحفوظ، والله أعلم بكتابه.
والخلاصة أنه- سبحانه- يعلم الغيب والشهادة، والأحوال الظاهرة والباطنة.
أما أنتم أيها الناس ... فالله يتوفاكم بالليل، أى: ينيمكم فيه، ويقبض أرواحكم إليه، فيمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، ويعلم ما كسبتم في النهار علما سابقا على عملكم، فهو يعلم أن منكم من يكفر، ومنكم من يعصى ربه ثم بعد هذا الموت الأصغر الذي فيه يقبض أرواحكم إليه ويعلم أعمالكم بعد ما يبعثكم في الدنيا نهارا ليعمل كل عمله، وليقضى أجل مسمى عنده وعمر محدود
اسم الکتاب : التفسير الواضح المؤلف : محمد محمود حجازي الجزء : 1 صفحة : 621