اسم الکتاب : التفسير الواضح المؤلف : محمد محمود حجازي الجزء : 1 صفحة : 196
وحفظه بالكتابة والشهود، ففي الصدقة والإنفاق منتهى الرحمة، وفي الربا كامل القسوة والغلظة. وفي أحكام الدين والتجارة نهاية العدل والحكمة، والدين قد أمرنا ببذل المال حيث ينبغي البذل، وبترك الزيادة في المال إذا كان فيه ربا، ثم أمرنا هنا بحفظ المال وتوثيقه في البيع والشراء والقرض والتجارة، ومن هنا نعلم أن الإسلام دين ودولة، وحكم وحكمة فبينا هو يهدينا إلى الإنفاق يحرم علينا الربا، ثم يرشدنا في البيع والشراء حتى لا يضيع مال ولا يحصل شقاق ونزاع ولا غرابة إنه صراط الله العزيز الحكيم.
وليس ديننا دين رهبنة وفقر، وقناعة وذل، بل هو دين علم وعمل وجد واجتهاد، وغنى وعزة حتى يتحقق قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [1] .
فقانون الإسلام أن تجمع المال وتنميه، ولكن من طريق الحلال، وتحافظ عليه وتستوثق له بالكتابة والشهود، ولعل ذلك هو السر في طول الآية ووضوحها وتكرار أحكامها حتى يفهم أحكامها العامة والخاصة.
وهاك أحكامها:
1- يا من اتصفتم بالإيمان ودخلتم في الإسلام: إذا تعاملتم بالدّين المؤجل في الذمة بيعا أو سلما أو قرضا فاكتبوه وقيدوه فذلك خير لكم وأجدى، والأمر هنا للإرشاد والندب.
2- وليكن فيكم كاتب للديون عادل في كتابته، لا يميل ولا يحيد عن الحق فهو القاضي بين الدائن والمدين ولتحقق عدالته يشترط أن يكون عالما بشروط الكتابة ملما بأصولها.
3- لا يصح أن يمتنع كاتب عن الكتابة ما دام يمكنه ذلك وليكتب كتابة كما علمه الله فلا يزيد ولا ينقص ولا يضر أحدا، والكتابة نعمة من الله عليه فمن الشكر عليها أن لا يمتنع عنها ما دام قد أخذ أجره بالعدل والرحمة.
4- والذي يملى الكاتب من عليه الحق، أى: المدين ليكون إملاؤه حجة عليه، وليتّق الله ربه في الإملاء، وقد جمع بين الاسم الجليل والنعت الجميل للمبالغة في التحذير ولا ينقص من الحق الذي عليه شيئا عند الإملاء، وأنت ترى أن الكاتب أمر [1] سورة البقرة آية رقم 143.
اسم الکتاب : التفسير الواضح المؤلف : محمد محمود حجازي الجزء : 1 صفحة : 196